الألباب المغربية/ حليمة صومعي
يعتبر الاختلاس عملية لا قانونية يتم وفقها سرقة المال العام أو بالأصح الاستيلاء عليه، كونه يختلف عن السرقة في عدة أشياء وسنأتي إلى ذكرها. فهو في تعريفه الدقيق استيلاء على أموال أو موارد الدولة من طرف موظف تكون في عهدته، وهذا الموظف تكون موكلة إليه إما مسؤولية إدارة هذا المال أو يعتبر موظف مكلف بتأدية رواتب الموظفين الشهرية، أو يكون المال عهدة لديه. وهو لا يختلف بين قطاع عام وخاص، لأن الاختلاس هو نفسه في الحالتين، إما بسرقة مال من خزينة مؤسسة يعمل بها أو اختلاس مواد ذات قيمة مادية وتكون تحت مسؤوليته.
ويعتبر الاستيلاء على المال العام “انتزاع مال معين من حيازة الغير”، حيث تعتبر جريمة “الاستيلاء على المال العام” مختلفة تماما شكلا وموضوعا عن جريمة “اختلاس المال العام”، حيث تعتبر جريمة الاستيلاء أن تكون الأموال المستولى عليها ليست تحت يد الموظف، فى حين أن جريمة الاختلاس يكون المال المختلس تحت يد وعهدة الموظف بالفعل.
جريمة الاختلاس كغيرها من الجرائم لها أركان يجب توفرها حتى تكتمل، وهي تتمثل في ثلاثة أركان، الركن المادي الذي يعتبر شرطا محوريا ويتمثل في حصول الاختلاس بشكل فعلي مادي وملموس وليس مجرد تكهنات، ثم الركن المعنوي وهو شرط ضروري أيضا، يتعلق بالشخص المختلس نفسه بحيث يكون على وعي تام بما يقوم به من اختلاس، ثم الركن المفترض وهو مثل الركن المعنوي فهو أيضا يتعلق بالمختلس لكن من زاوية أخرى، يتعلق الأمربصفته وما هو نوع وظيفته وعلاقته الرئيسية بالمؤسسة التي اختلس منها.
كما يجب أن نتطرق إلى الفرق بين الاختلاس والسرقة بحيث نجد الكثيرين يجدونهما متشابهين، لأن السرقة تختلف عن الاختلاس الذي عرفته في كونها يقوم بها شخص من خارج المؤسسة، فمثلا عندما يسرق شخص من عهدته فإنه يسمى مختلسا، وعندما يسرق شخص آخر من نفس العهدة فيسمى سارقا. كما يجب الإشارة إلى عناصر دقيقة تقع خلال الاختلاس، بحيث عندما يسرق الشخص بشكل مباشر من خزينة الدولة أو المؤسسة أو من مواردها فإنه اختلاس.
الاختلاس هو عمل من أعمال استملاك الأصول غير الشريف من جانب واحد أو أكثر من الأفراد الذين قد عهد بها تلك الأصول. و الاختلاس هو نوع من أنواع الاحتيال المالي. فعلى سبيل المثال، يمكن للمحامي اختلاس أموال من حسابات العملاء، كما يمكن للمستشار المالي اختلاس أموال من المستثمرين، أو يمكن للأزواج اختلاس أموال من شركائهم.
وهناك من يقوم لاختلاس بطرق غير مباشرة بحيث يغش في تدوين السلع او الأموال ويقوم بالسرقة بهذه الطريقة، بحيث يعتبر هذا غش واختلاس.
فالاختلاس عموما له أضرار كبرى سواء على المال العام أو المال الخاص، وعقوبته هي السجن والمدة تحددها قيمة الشيء المختَلس، وتصل العقوبة في بعض الدول وبعض الإختلاسات الى المؤبد.
ويمكننا القول أن تعدد شروط المال المختلس هذه قد أضفت نوعًا من الحماية على أموال الدولة، وحققت فكرة الردع الخاص الذي يحصل من خلال توقيع عقوبات أصلية و تبعية على المتهمين، وكذلك فكرة الردع العام الذي يتولد لدى كل من يفكر في اختلاس هذا المال، ومن ثمّ يؤدي إلى قلة جرائم الاختلاس بالدولة، ويمكن الدولة من تنفيذ سياستها الاقتصادية والاجتماعية بأفضل وجه.
إن المملكة المغربية من أكثر البلدان التي تحافظ على ضبط النظام بها، لذا اتخذت موقفا صارما من الجرائم الأخرى مثل السرقة، والقتل، والاغتصاب، والخطف .
عقوبة الاختلاس بالمغرب:
لقد انتشر في الآونة الأخيرة قضايا اختلاس الأموال والاستيلاء على المال العام وبالطبع القانون المغربي قد وضع أشد العقوبات لمثل هذه الجريمة، حيث ينص قانون العقوبات المغربي ومواده على الآتي:
جاء النص على جريمة الاختلاس في الفصلين 241 و 242 من ق.ج حيث ينص الفصل الأول على “معاقبة المتهم بالاختلاس سواء كان قاضيًا أم موظف أم ضابطًا أم أي مهنة في الدولة بدد أو اختلس أو استولى دون وجه حق أو قام بإخفاء شيء من الأموال العامة أو الخاصة أو مستندات وأوراق أو حججًا أو عقود تقوم مقام الأموال ووجدت بحيازته وثبتت نية سبق الإصرار، يحكم عليه بالسجن من 5 إلى 10 سنوات”.
ونص الفصل 241 أيضًا على هذه العقوبات:
“السجن من 5 سنوات إلى 20 سنة ودفع غرامة مالية قدرها من 5000 إلى 100.000 درهم إذا كان المال أو الشيء المختلس يقدر أو تزيد قيمته على مئة ألف درهم”.
“الحبس من سنتين إلى 5 سنوات ودفع غرامة مالية قدرها من 2000 إلى 50000 درهم، إذا كان المال المختلس قيمته أقل من مئة ألف درهم”.
وختاماً:
طبق المغرب عقوبة الاختلاس، بشدة وصرامة، للتقليل من حرمة الاعتداء على المال العام والحفاظ عليه، وحماية الأموال الخاصة بالإدارة العامة للمغرب، كما أن فعل الاختلاس نفسه ينطوي على خيانة الموظف المتهم للأمانة التي قلده إياه وطنه .
الى أي حد استطاعت هذه القوانين ردع المختلسين ومستولين على المال العام و لصوصه على ارتكاب هذا الفعل الشنيع في حق وطنهم ؟.