الألباب المغربية/ نادية عسوي
منذ أن فُرض التوقيت الصيفي الدائم سنة 2018، صار الزمن في المغرب غريبًا عن إيقاع الأرض وعن حاجات الجسد البشري. ثمان سنوات مرت، والناس يجرّون أقدامهم في صباحات شتوية حالكة، الأطفال يغادرون منازلهم في العتمة، والأمهات يتلفتن بقلق إلى الأزقة المظلمة، والآباء يتساءلون: هل يُعقل أن نودّع أبناءنا إلى المدارس قبل أن تستيقظ الشمس؟
لقد تحوّل الزمن من وسيلة لتنظيم الحياة إلى عبء على النفوس والأبدان. النوم المضطرب صار قاعدة، الأرق عادة، والتعب المزمن وجهًا مألوفًا في ملامح الجميع. ومع قلة النوم يزداد خطر الجلطات والنوبات القلبية، وترتفع حوادث السير بسبب ضعف التركيز. ليست هذه مجرد ملاحظات شعبية، بل حقائق أثبتتها دراسات عالمية.
الصحة النفسية بدورها تدفع الثمن. التوتر يزداد، العصبية تنتشر، والشعور بالاختناق يلازم الكثيرين. وحتى الأطفال، الذين يفترض أن تكون مدارسهم فضاءً للمعرفة والمرح، يدخلون الفصول مثقلين بالنعاس، عقولهم نصف نائمة، أجسادهم مرهقة، وأحلامهم مكسورة على عتبة التوقيت المفروض.
هنا يطل السؤال الكبير: ما جدوى الحديث عن صحة الإنسان وتوازنه النفسي والجسدي، إذا كنا نقتل أساس هذه الصحة في تفاصيل حياتنا اليومية؟ أي معنى أن نطمح إلى مجتمع معافى بينما نفرض على الأجساد زمنًا قاسيًا يرهقها قبل أن تمرض؟
إن الصحة تبدأ من النوم، من ضوء الشمس الذي يوقظ الجسد تدريجيًا، من انسجام الساعة البيولوجية مع الطبيعة. حين نقطع هذا الخيط، نضعف الإنسان ونزيد هشاشته.
لهذا، فإن النداء الصادق اليوم موجَّه لكل من يعنيه أمر الصحة العامة: ابدؤوا بإصلاح الساعة. أعيدوا للمغاربة توقيتهم الشتوي الطبيعي (GMT)، دعوا الأطفال يذهبون إلى مدارسهم مع خيوط الشمس لا في ظلام الليل، وأعيدوا التوازن بين النهار والليل، بين الجسد والطبيعة.
إصلاح الصحة لا يكون فقط بالشعارات، بل أيضًا بقرار بسيط: أن ينقصوا الساعة.