الألباب المغربية/ نادية عسوي
أحيانًا لا نحتاج إلى تقارير دولية لنعرف أن المنظومة الصحية عندنا مريضة، يكفينا أن نسمع برلمانية تطالب بتمكين زملائها من العلاج في الخارج. فما قيمة القوانين والموازنات والخطب الطويلة، إذا كان من يُفترض أن يدافع عن حق المواطن في الصحة، لا يثق في مستشفيات وطنه؟ كيف نُقنع الناس بالعدالة الصحية، إذا كانت رموزهم السياسية تبحث عن العلاج وراء البحار؟
أليس في ذلك اعتراف صريح بفشل المنظومة التي يُفترض أن البرلمان يُصلحها ؟
في الوقت الذي ينتظر فيه المواطن ساعات أمام باب المستشفى العمومي، ويموت آخر في طريقه إلى مركز صحي مغلق أو مهمل، هناك من يطالب بامتياز السفر إلى الخارج على نفقة الشعب ذاته.
هكذا تتحول السياسة من خدمة عمومية إلى امتياز خاص، ومن تمثيل الأمة إلى تمثيلية أمام الكاميرات. إن من يدافع عن حقه في العلاج خارج الوطن، وهو في موقع المسؤولية، يعترف ضمنيًا أنه لم يقم بواجبه في إصلاح الداخل.
فالإصلاح لا يبدأ من حجز تذكرة طائرة، بل من الجرأة على مواجهة واقع متردٍ أفسده الإهمال واللامساءلة، نحن لا نحسد أحدًا على العلاج، بل نحلم بوطنٍ لا يحتاج فيه أحد للسفر كي يجد سريرًا نظيفًا أو طبيبًا مُبتسمًا أو دواءً متوفرًا.
نحلم ببرلمانٍ يرى في المستشفى العمومي مرآة للوطن، لا مجرد بناية تعني “الآخرين”. فمن العيب أن يهرب المشرّع من منظومةٍ صنع قوانينها بيده، ثم يشتكي من نتائجها كما يشكو المريض من دوائه. الحق في الصحة ليس ترفًا، بل امتحانٌ للضمير، والضمير لا يُعالج في الخارج.