الألباب المغربية/ عزيز لعويسي
كلما حل عيد الأضحى المبارك السعيد، كلما استحضر المغاربة قاطبة، مأساة عشرات الآلاف من الأسر المغربية، التي تم طردها من الجزائر سنة 1975، في عملية طرد قسري طالت زهاء 350 ألف مغربي مقيم بالجزائر، شاء نظام الشر، إلا أن ينفذ حلقاتها المأساوية ومشاهدها الانتقامية الحاطة من الكرامة، ضد مواطنين مسالمين عزل، لا حول لهم ولا قوة، لم يهجروا فقط، قسرا ودون سابق إعلان، بل وتم الإصرار أن ينفذ في حقهم حكم “التهجير القسري” أمام أنظار العالم الإسلامي،يوم عيد الأضحى، في مناسبة دينية،كان يفترض أن تتحرك فيها مشاعر الدين والأخوة والعمومة وحسن الجوار، لكن نطق فيها صوت العداء والكراهية، ولم يكتف النظام الوضيع بالطرد القسري، بل وأقدم مع سبق الإصرار، على تجريد المغاربة المطرودين، من ممتلكاتهم وأغراضهم، وباتوا بين عشية وضحاها “ربنا خلقتنا” كما يقال، بعد أن كانوا ملاك مساكن وأصحاب أراضي ومزارع ووظائف وحرف؛
ذكرى بألوان الألم والمأساة، قطعت فيها أرزاق وأرحام، في جريمة إنسانية، ستبقى وصمة عار على جبيـن نظام أرعــن، سجل له التاريخ، اقترافه لواحدة من أكثر المآسي الإنسانية، ألما وقسوة وبشاعة، دون أن تطاله عدالة العالم إلى حد اليوم، عدا مطالب بالحقوق الضائعة، لازال يحملها ضحايا الطرد القسري، الذين لم يجدوا أمامهم من خيار أو بديل، سـوى الانتظام في إطار جمعوي، والانخراط في معركة تحتاج ليس فقط، إلى نفـس طويل وشحنات كبيرة من الصبر والتحمل والإلحاح والإصرار، لاسترجاع الحقوق المسلوبة قهرا وعنفا، بل وإلى الدعم الرسمي والسند القانوني والحقوقي الدولي، في ظل استمرارية ما ترتب عن الجريمة النكراء من أضرار مادية ونفسية وإنسانية، خاصة بالنسبة للعائلات المغربية التي طالها مقص “تشتيت الشمل”، وباتت مشاعرها ممزقة إلى أجل غير مسمى؛
وبين الأمس واليوم، تغير العالم وتغيرت معه السياقات الجيوسياسية الإقليمية والدولية، إلا نظام الشر، الذي لازال وفيا كل الوفاء لعقيدة العداء الخالد للمغرب ووحدته الترابية، مستمرا بدون كلل أو ملل، في إنتاج كل الممارسات القدرة، الخادمة لهذه العقيدة والداعمة لها، من اتهامات وتحرش واستفزاز وانبطاح وتوسل واستعطاف واستنجاد، ومن شراء للذمم وهدر للموارد، ومن إصرار جبان وغبي، على احتضان “بيضة” الانفصال، دون أن يستوعب أن الصحراء في مغربها والمغرب في صحرائه، ودون أن يدرك، أن رهانه الأعمى على صعاليك تندوف، لن يقـــود إلا إلى إفــلاس وشيك، لا أحد بإمكانه تقدير تداعياته على الجزائر ذاتها، وعلى المنطقة المغاربية برمتها، أوالتنبؤ بآثاره المتعددة الزوايا على الأمن القومي العربي، في ظل سياق جيوسياسي دولي، يفرض الجنوح نحو ضفاف الوحدة ولم الشمل وطرح نعرات التفرقة ما ظهر منها وما بطن؛
النظام المتهور الذي نفد جريمة المسيرة الكحلة مع سبق الإصرار، وبنى كل ثوابته الاستراتيجية وخياراته الدبلوماسية على معاداة بلد جار “عربي” و”إسلامي”، وتصدى لليد الممدودة بنفث سموم العـــداء، هو نظام “ميؤوس منه” بات حاله كحال المرأة التي بلغت “سن اليأس”، ودخلت في دوامة من الضغط والقلق والتوتر، بعدما سارت عاجزة عن الإنجاب، أو كحال “الثور المطعون” الذي لا أحد بإمكانه توقع تصرفاته وردات أفعاله، وحتى هذه النعوت، نراها عاجزة كل العجز، عن توصيف أو رسم ملامح صورة نظام تحول بقلة حيائه وضعف بصيرته، ليس فقط إلى أكبر مهدد للأمن والاستقرار وأكبر معرقل لقطار البناء والنماء في الفضاء المغاربي والعربي والإفريقي، بل وإلى خادم مطيع للقوى الكبرى وتلميذ نجيب،منفذ لسياساتها وأجنداتها التي لم تعد تخفى طقوسها على أحد؛
ومهما قيل أو ما يمكن أن يقال، فالمغرب في صحرائه، والصحراء في مغربها، مهما حسد الحاسدون وعبث العابثون وتربص المتربصون وتآمر المتآمرون، ويؤسفنا قولا في خاتمة المقال، أن الأمم العاقلة، تجنح ما استطاعت إلى ذلك سبيلا، نحو الوحدة والتكتل ولم الشمل والتعاون والسلام، وتسعى جاهدة إلى تحقيق الرخاء والرفاه والازدهار لشعوبها، إلا نظام جار متهور، يستحق لقب “جائزة نوبل للعداء”…، عسى أن يظهر في الجارة الشرقية، عقلاء وحكماء ورشداء، يدركون معنى الأخوة ويقدرون مفهوم الجوار، ويحترمون اليد الممدودة ويفهمون الوحدة ولم الشمل، ويستوعبون لغة التعاون والمصالح المشتركة …