الألباب المغربية
(*) مصطفى طه
كثيرا ما كانت المعلومة الزائفة الأكثر شيوعا، مدخل لخروج أناس غير جديرين بالثقة على الصعيد الإعلامي أو في الحياة الحقيقية، يشتغلون من أجل الانتفاع من الأزمات، واستثمارها لخدمة أغراضهم الذاتية دون أدنى دراية أو علم بالشيء الذي يتكلمون عنه، كما يفعل تجار الصراعات من خلال نشر الشائعات الغير الصحيحة، على إثارة التشويش والفوضى على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، مما ينتج عنه من انقسامات داخل المجتمع والتأثير عليه بطريقة سلبية، بالاتكال على حساسية طبقات معينة من المجتمع، تهتم بالخبر وليس بمصدره، معتمدين على عاطفة مبالغ فيها.
وفي هذا الصدد، نجد من وقت لآخر أشخاصا أجانب، يكنون بغضا دفينا لبلدنا ويتحينون الفرصة المواتية، لتشغيل أقلامهم المنحطة الوقحة وألسنتهم السليطة صوب المس بصورته من خلال النيل من سمعة المرأة المغربية الشريفة والعفيفة، ونعتها بأقدح النعوت أو العبث بشرفها وعرضها، كما فعلت الصحيفة المذكورة في حق الوزيرة ليلى بنعلي.
وفي ذات السياق، نشرت صحيفة أسترالية صورة، زعمت أنها جمعت بين ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، وبين أندرو فوريست، الرئيس المدير العام لمجموعة “فورتيسكيو”، الرائدة في مجال الطاقة الخضراء والمعادن والتكنولوجيا، حيث أرفقتها بمقال يلمح إلى علاقة عاطفية بين المسؤولين، وشبهة تضارب المصالح بينهما، بعدما استقبلت الوزيرة المستثمر المذكور ضمن وفد من مجموعته خلال فبراير الماضي بالرباط، في سياق محادثات ثنائية.
وبعد الزوبعة التي أثارتها هذه الصورة، أكدت بنعلي في بيان حقيقة، أنها تنفي نفيا قاطعا وجازما أي علاقة لها بالصورة، مؤكدة في نفس الوقت التزامها التام بكرم الأخلاق وحسن السلوك ومقومات السمعة الطيبة، وحرصها على مراعاة الشرف والاعتبار والوقار المميز لشخصيتها كامرأة وأم مغربية أصيلة من جهة، وكوزيرة مسؤولة في حكومة المملكة المغربية، تدافع على المصالح العليا للبلد من جهة ثانية.
أما بخصوص الجانب الشرعي، لقد حرّم الله تعالى على المسلم الاستطالة في عرض أخيه المسلم ( وسواء في هذا الحكم الرجال و النساء ).
قال تعالى: ( وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَ إِثْمًا مُبِينًا ) [الأحزاب : 58 ].
و المعنيّون بالوعيد في هذه الآية هم الذين يستطيلون في أعراض المسلمين ظلماً و عدواناً ( أي ينسبون إليهم ما هم برآء منه لم يعملوه و لم يفعلوه ” فقد احتملوا بهتاناً و إثماً مبيناً ” و هذا هو البَهت الكبير : أن يحكيَ أو ينقل عن المؤمنين و المؤمنات ما لم يفعلوه على سبيل العيب و التنقص لهم ) كما قال ابن كثيرٍ في تفسيره.
و قال جلّ و علا : ( إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَ الآخِرَةِ وَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) [ النور : 23 ].
فليلى بنعلي سيدة مسؤولة، وتعرف ما لها وما عليها، فهي خبيرة دولية في مجال الاستراتيجية الطاقية والاستدامة، ومديرة الاستراتيجية في الاقتصاد والاستدامة ورئيسة النادي العربي للطاقة.
وبنعلي حاصلة على شهادة مهندسة، أشرفت على عدة مشاريع تتعلق بصياغة الاستراتيجية والسياسات لفائدة حكومات في الخليج، وشركات الطاقة والمستثمرين الصناعيين والمؤسسات. كما قامت بتدريس علوم الطاقة في العديد من الجامعات.
وعملت ليلى رئيسة قسم توفير الطاقة والتنمية المستدامة في الشركة العربية للاستثمارات البترولية (ابيكورب)، المتخصصة في تمويل الاستثمار في مشروعات الطاقة في العالم العربي، والمملوكة بالكامل للدول العشر الأعضاء في منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول، هذا من جهة.
من جهة أخرى، إذا كان المغرب، يتمتع بحرية التعبير على المستوى الصحافي، لنشر و تداول الأخبار والمعطيات والمعلومات، وهو ما يفقد إشاعات مزيفة كثيرة فاعليتها، فإن الخطير في الموضوع، تورط بعض وسائل الإعلام في ترديد الإشاعات وأخبار كاذبة، للتحكم في الرأي العام، وإذا كان المطلوب الأخلاقي هو التزام وانضباط هذه الأجهزة الإعلامية، لميثاق شرف المهنة، لأن دائما ما يجب العمل على بناء سمعة استراتيجية، تلامس على أرض الواقع، إيجابيتها وسلبيتها داخل المجتمع، حيث تدار الحروب المضلة عن طريق الإشاعات، أما الحل فهو بسيط جدا، للانتهاء من هذه الظاهرة الخطيرة، لهذا يجب علينا أن ننتقل من عالم المعلومات إلى عالم العلم والمعرفة، ورفع مستوى الوعي لدى كافة طبقات المجتمع خاصة الشباب، لأنهم هم من يهتمون بنقل المعلومة، عبر توعيتهم بالاهتمام بدقة المعلومات، ومصادرها الموثوقة.
(*) سكرتير التحرير