الألباب المغربية/ ب. عزالدين
تعرف الساحة الجمعوية بتراب مقاطعتي أنفا وسيدي بليوط وجود كائن ممكن نقول “بشري” فريد من نوعه… هوايته قذف المسؤولين بفمه المهدوم ليمارس عليهم الضغط بعينيه الجاحظتين وراء زجاج قاع الكاس من أجل الاسترزاق وملأ الجيب و”تبنديق”.
خرجاته البهلوانية الأخيرة بعد نجاح تظاهرة وطنية رياضية، التي لم ينل منها كعكته، خلفت وقع استياء واسع بسبب ممارساته المثيرة للجدل…
وتشير معطيات من داخل النسيج الجمعوي المحلي، إلى أن صاحب الدراجة النارية الحمراء لا يكتفي بالخرجات البهلوانية خارقا للضوابط القانونية التي تنظّم عمل الجمعيات، بل يتجاوزها إلى التدخل في شؤون المؤسسات وبرامجها دون أي سند قانوني، وهو ما يُعد تجاوزًا خطيرًا للمجال التشاركي. الجمعوي
وبعد تمحيص في مساره الجمعوي، اتضح لنا أن صاحب العينين الجاحظتين استفاد من أكثر من سبع مشاريع في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.. بدون محاسبة، واختلط عليه الأمر بدون نتيجة تذكر بطرق ملتوية، في غياب مقر رسمي لجمعيته، وغياب أي تقرير مالي أو أدبي لزاويته يُوضح طبيعة مواردها ونفقاتها.
الأخطر، حسب مصادر مطلعة، أن جمعيته توظف هذه التدخلات والخرجات في ممارسة ضغوطات على جهات متعددة، في سلوك يوصف بأنه أقرب إلى الابتزاز، ما يفتح الباب أمام مساءلة قانونية، بالنظر إلى أن القانون المغربي يُجرّم كل أشكال الاستغلال غير المشروع للعمل الجمعوي لتحقيق مصالح شخصية أو ابتزاز الغير.
بعض الإعلاميون كسروا جدار الصمت، وكشفوا على صفحاتهم للتواصل الاجتماعي عملية الابتزاز التي يوظفها صاحبنا، ولكن العيب ثم العيب لمن يطأطأ له رأسه وينحني لرغباته، هذا الموقف يفتح الباب أمام تساؤل صادم: هل أصبحت تصريحاته المؤداة الأجر جزءاً من “النضال المدني”؟
السؤال الجوهري الآن: من يحاسب رؤساء هذه الجمعيات؟ من يراقب مصادر تمويلهم ؟
في خضم هذا السجال المتصاعد حول شطحات هذا “المتطفل” وانزلاقاته ببعض الممارسات، يبدو أن سهام النقد قد تجاوزت حدود، عن قصد أو غير قصد، العمل الجمعوي برمّته، وتختلط بين “الدخيل” و”الأصيل”، بين “الاستغلال” و”الرسالة”، وبين من يمتهنون العمل التطوعي بنَفَسٍ وطني، وبين من يبحثون عن فرص للركوب على كل موجة.
لقد لاحظنا أن العديد ممن فشلوا في الحقل الجمعوي اتخذوا من الزندقة بديلاً للظهور، وكأن المجال الجمعوي أصبح مطية لمهووسي الواجهة، وهي قراءة جزئية وغير منصفة، تُهمل آلاف الجمعيات والمبادرات والطاقات الجمعوية التي تشتغل في صمت، وتبني كل يوم جسور التضامن والتنمية، في الحواضر كما في القرى.
إن العمل الجمعوي، رغم ما يشوبه من اختلالات – لا أحد يُنكرها – لا يمكن اختزاله في “الفشل” أو “الركوب”، بل هو اليوم فاعل أساسي في تنزيل سياسات القرب، في حماية الفئات الهشة، في نشر الثقافة والرياضة، في مقاومة الإدمان، وحتى في التأطير السياسي والمواطنة. وليس ذنب الفاعل الجمعوي أن بعض المجهولين يلبسون عباءته ليمارسوا “الإعلام العشوائي” أو ليقتحموا ساحات لا يُتقنون لغتها.
بل الأجدر أن نوجه أصابع اللوم لا للعمل الجمعوي، بل إلى غياب التقنين والتكوين والمراقبة المؤسساتية للمجال الجمعوي، وغياب الصرامة، وإلى تقاعس السلطات الوصية عن حماية المجتمع المدني من الدخلاء.
ثم إن الفاعل الجمعوي الحقيقي، هو من يرفض أن يبتز بجمعيته أو أن يبيع صورته لمآرب انتهازية. هو من يُدرك أن الشرعية تُبنى بالمصداقية. ومن قال إن العمل الجمعوي لا يُنتج كفاءات ؟ بل منهم من اختار المثابرة كوسيلة للدفاع عن القضايا المحلية، عن الحقوق، عن الذاكرة، عن العدالة المجالية، عن الثقافة، ولكن بأخلاقيات، لا بمزايدات.
إننا اليوم بحاجة إلى فرز أخلاقي ونضالي لا إلى جلد عشوائي، إلى تمييز بين الجمعوي الحقيقي والانتهازي، كما نطالب بتمييز بين الجمعوي المتكوّن والجمعوي بالصدفة. لأن التعميم السالب يقتل العمل الجمعوي، ويسيء لصورتها، ويُفرغ المعركة من مضمونها.
وفي الختام، إذا كنا نُدين “رئيس جمعية مزيّف”، فإننا في المقابل نُثمّن “الجمعوي النزيه”، ونُذكّر أن المغرب اليوم يبني نموذجه التنموي الجديد على شراكة بين الدولة، والمجتمع المدني. فلنحذر أن نهدم أحد أركانه بحبرِ الاسترزاق أو خطاب العقيم…
“لا تُحاكموا رؤساء بعض الجمعيات بذنب الطفيليات”
” العمل الجمعوي لا يبرر التشويه.. والعمل الجمعوي ليس علبة إسعاف للفاشلين”