الألباب المغربية/ خديجة بوشخار
مما لا شك فيه أننا نعيش اليوم في ظل التقدم العلمي وتطور التكنولوجيا انفتاحا كبيرا على مختلف الثقافات ومدى تأثير هذا الانفتاح على حياتنا الاجتماعية، لكن ما يثير الانتباه حقا هو ابتعادنا أو ابتعاد بعضنا – إن صح التعبير- عن الأخلاقيات وأصول التربية وعن مختلف أساليب الحياء والحشمة وتقدير الآخر، وهو الأمر الذي نلمسه ويبدو جليا في معاملاتنا مع بعضنا البعض اليومية، والمثال هنا نسلط فيه الضوء على ظاهرة لا أخلاقية نصادفها بشكل يومي داخل حافلات النقل العمومي، حيث نجد عدم احترام الصغير للكبير أصبح أمرا عاديا عندما يصعد شخص متقدم في السن ولا يجد مكانا فارغا داخل الحافلة ليجلس فيه فيضطر للوقوف رغم ضعف صحته وانحناء ظهره في الوقت الذي نجد فيه شبابا جالسين مرتاحين شغلهم الشاغل هو التقوقع داخل عالمهم الافتراضي بواسطة الهاتف المحمول دون أي إحساس بالذنب أو بمسؤولية تقدير الآخرين واحترامهم.
كيف أيها الشاب وأيتها الشابة.. وأنتم تدرسون في تخصصات علمية مميزة وربما منكم من يشتغل أستاذا أو موظفا داخل إدارة أو ممثل مؤسسة ما، كيف لكم أن تصلوا إلى ما أنتم عليه ؟ وأخلاقكم تسمح لكم بتجاوز الإحساس بالغير والتعاون والتضامن مع الآخرين ؟ عندما ترى جلوس هؤلاء الشباب داخل الحافلة وبجانبهم تقف امرأة عجوز أو رجل مسن… تدرك جيدا أنه ليس كل ما يلمع ذهبا، ليس الهندام والمركز الاجتماعي والمستوى العلمي والثقافي هو مقياس التقدم والتطور ،بل التنشئة الاجتماعية السليمة والتربية الأصيلة المبنية على احترام الكبير والتعاون مع الضعيف والإحساس بالفقير وتحضير الضمير في كل خطوة من خطوات سير الإنسان داخل المجتمع، كلها حلقات مرتبطة تكمل بعضها البعض لتعطينا فردا صالحا داخل مجتمع يمكن أن نقول عنه انه في طريق الأمل… هذه إحدى نوافذ المجتمع كشفنا منها عن زاوية معتمة لابد من استعادة البياض فيها… وباقي الزوايا لازالت تخفي ما نحن غافيلن عنه ليس لانشغالنا عن كشفه بل فقط كي لا نزيد من حسرتنا وأسفنا على مصير أخلاقنا وأخلاق الخلف من بعدنا…