الألباب المغربية/ نادية عسوي
في زمنٍ تتسارع فيه التحولات الاجتماعية والتكنولوجية، وفي مرحلةٍ يبحث فيها الشباب المغربي عن معنى جديد للالتزام والانتماء، جاء مشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، الذي صادق عليه المجلس الوزاري برئاسة جلالة الملك محمد السادس، كخطوةٍ حقيقية نحو مصالحة الأجيال الجديدة مع السياسة وإعادة الثقة بين الشباب ومؤسسات الدولة.
لطالما شعر الشباب بأنهم خارج دوائر القرار، وأن السياسة فضاء مغلق لا يسمع صوتهم. واليوم، مع تبسيط شروط الترشح سواء من داخل الأحزاب أو بشكلٍ مستقل، ومنح تحفيز مالي يغطي 75% من مصاريف الحملة الانتخابية، يفتح المشروع الباب أمامهم ليصبحوا فاعلين لا متفرجين، ومبادرين لا مجرد معلقين على الشاشات. إنها دعوة ضمنية لهذا الجيل الذي يقضي يومه بين المنصات والهواتف، لينقل طاقته من “الإعجاب” إلى الفعل، ومن “الهاشتاغ” والاحتجاج الافتراضي إلى الممارسة السياسية الواقعية و الواعية والمسؤولة.
كما، جاء تخصيص الدوائر الانتخابية الجهوية حصريًا للنساء ليؤكد أن المغرب يسير في مسارٍ متكامل نحو العدالة السياسية والمجالية. فتمثيلية المرأة ليست مجرد رقمٍ انتخابي، بل تجسيد لإرادة وطنية في إشراك نصف المجتمع في القرار، وإيمانٌ بأن التوازن بين الشباب والنساء هو ما يصنع مغربًا جديدًا أكثر نضجًا وعدلًا.
ومع ذلك، فإن النصوص القانونية مهما بلغت من طموح لن تُحدث أثرًا فعليًا ما لم تتحول إلى وعيٍ جماعي وإرادةٍ سياسية حقيقية. المطلوب اليوم شبابٌ يتحملون مسؤوليتهم في الفعل والمشاركة، يؤمنون بأن السياسة ليست مجالًا للمصلحة الشخصية، بل فضاءٌ لخدمة الوطن. وهنا تتقاطع مسؤولية الدولة والأحزاب والمجتمع في دعم مشاركة الشباب وتمكينهم من التعبير عن رؤاهم وأفكارهم بحريةٍ ووضوح.
الشباب المغربي يملك اليوم القدرة على تحويل حضوره الرقمي إلى حضورٍ سياسي مؤثر، وإعادة بناء الجسور بين المواطن ومؤسساته، بين الحرية والانتماء، وبين الطموح الفردي والمصلحة الجماعية. إنهم القادرون على منح السياسة المغربية وجهًا جديدًا، أكثر صدقًا وشفافية، يعبّر عن واقع الناس، ويحمل تطلعات وطنٍ آمنٍ بعدالةٍ وكرامةٍ وفرصٍ متكافئة للجميع. فكونوا في الموعد.