الألباب المغربية/ مرشد دراجي
تعود مدينة أكنول بإقليم تازة لتحتفي مجددًا بأحد أهم رموزها الفلاحية والثقافية من خلال الدورة التاسعة لمهرجان اللوز، المزمع تنظيمها ما بين 15 و17 نونبر 2025، تحت شعار: “شجرة اللوز، حليف الصمود المناخي وحماية الأصول الترابية”. هذا الحدث السنوي الذي ترسخ في ذاكرة ساكنة المنطقة منذ أولى دوراته، يعود اليوم في حلة جديدة تجمع بين الطابع الفلاحي والاقتصادي والثقافي، ليعيد إشعاع أكنول كوجهة متميزة لإنتاج وتسويق اللوز على الصعيد الوطني.
وتسعى دورة 2025 إلى إعادة الاعتبار لهذه التظاهرة التي عرفت عبر نسخها السابقة إشعاعًا متزايدًا، حيث أثبتت التجارب السابقة أن اللوز ليس مجرد منتوج فلاحي، بل يمثل رمزًا لهوية المنطقة ورافعة للتنمية القروية المستدامة. ويأتي تنظيم هذه النسخة تتويجًا لتراكمات سنوات من العمل الجمعوي والمؤسساتي، الرامي إلى تثمين هذا المنتوج الاستراتيجي الذي يزخر به المجال الجبلي لتازة.
وفي هذا السياق، أعلنت جمعية مهرجان اللوز بأكنول في بلاغ رسمي صدر في الرابع من نونبر الجاري، أن هذه الدورة تُنظم بدعم من وزارة الداخلية ووزارة الفلاحة ووزارة الشباب والثقافة والتواصل (قطاع الثقافة)، إلى جانب وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، وبتعاون مع عمالة تازة، وبشراكة مع الجماعات المحلية وفيدرالية الجمعيات التنموية بدائرة أكنول. ويعكس هذا الانخراط المؤسساتي الواسع أهمية المهرجان كحدث تنموي شامل تتقاطع فيه الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
كما أوضح البلاغ أن نسخة هذه السنة ستعرف مشاركة أكثر من 100 عارض من التعاونيات والجمعيات العاملة في القطاع الفلاحي، إلى جانب برمجة أنشطة موازية ثقافية ورياضية وترفيهية تهدف إلى إبراز المؤهلات التي تزخر بها المنطقة، خاصة في مجال تثمين سلسلة زراعة اللوز. هذه المقاربة الشمولية تجعل من المهرجان فضاءً للتبادل المهني والترويج الترابي في آن واحد، بما يعزز مكانة أكنول ضمن الخريطة الفلاحية الوطنية.
ويُعيد مهرجان اللوز من خلال هذه العودة النقاش حول أهمية المنتوجات المجالية وربطها بمفاهيم الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة. فزراعة اللوز في أكنول، التي تمتد على مساحة تُقدّر بـ25 ألف هكتار، تمثل ثروة فلاحية حقيقية من حيث القيمة الغذائية والاقتصادية، كما تُعد رهانًا بيئيًا لمواجهة التصحر وتدهور التربة في المناطق الجبلية. ويشكل المهرجان مناسبة لبحث سبل النهوض بهذا القطاع وتعزيز دوره في التنمية المحلية.
وقد ساهمت الدورات السابقة في التعريف بمنتوج اللوز المحلي وتشجيع التعاونيات النسائية والشبابية على الولوج إلى السوق الوطنية، إلا أن التحدي المطروح اليوم، كما يؤكد فاعلون محليون، يتمثل في الانتقال من الطابع الاحتفالي للمهرجان إلى مقاربة تنموية عملية تركز على التسويق والتثمين والابتكار. وهنا تبرز أهمية العمل التشاركي بين المؤسسات العمومية والجمعيات المهنية والقطاع الخاص لإنجاح هذا التحول.
وتعلق الساكنة آمالًا كبيرة على نسخة 2025 لتكون نقطة انطلاقة جديدة لمهرجان اللوز، من خلال استقطاب المستثمرين، وتحقيق انخراط أوسع للفلاحين المحليين، فضلاً عن تعزيز الشراكات الجهوية والوطنية التي من شأنها أن ترفع من مردودية القطاع. كما يُرتقب أن يُسهم المهرجان في تنشيط السياحة القروية بمنطقة أكنول، مستفيدًا من غناها الطبيعي وتراثها الثقافي الأصيل، في انسجام مع التوجه الوطني نحو تثمين المجالات الجبلية وربطها بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني.
وهكذا، فإن مهرجان اللوز بأكنول، الذي يجمع بين الفلاحة والثقافة والبيئة، يظل حدثًا ذا رمزية خاصة يجسد إرادة ساكنة الإقليم في صون تراثهم واستثماره في مسار التنمية المحلية. ودورة 2025، بما تحمله من روح التجديد والانفتاح، قد تكون بالفعل بداية مرحلة جديدة نحو ترسيخ هذا الموعد السنوي كفضاء لتلاقي التراث والإبداع والتنمية المستدامة في قلب جبال تازة.