مصطفى طه
لا تخفي جميع الأحزاب السياسية، حماسها للفوز بمنافسات الاستحقاقات الانتخابية الجماعية والجهوية والتشريعية، من ضمنهم الأحزاب الرئيسية، ولذلك يمارسون في كل محطة، كل الأساليب للتعبير عن الرغبة إلى حد أن العديد من المهتمين، يلاحظون بأن هذه الهيئات السياسية تطمح بتحمل مسؤولية الشأن العام، لكن بمنهجية سياسية شاردة.
وفي هذا الصدد، يعلم الجميع، بأنه إبان الحملات الانتخابية، كل المسؤولين السياسيين، يحاولوا أن يظهرون بمظهر أناس “ضريفين وقربين من الشعب”، معتمدين على ذلك بالسلاح الفتاك الذي أصبحت كل هذه الكائنات الحزبية تجيد استعماله، بحيث أنهم جميعهم متيقنون أن برامجهم الانتخابية، ستتحول إلى مجرد شعارات فارغة وعبارات ميتة، بمجرد الحصول على مقعد مريح داخل قبة البرلمان أو بالمجلس الجهوي أو بالمجلس الجماعي، أو حتى المشاركة في الحكومة، ومع ذاك يريدون جاهدا أن يغالطوا المواطنين، بأن تلك البرامج المنقولة للعديد من المرات، هي من سيحل جميع مشاكل المغاربة، لكن هيهات هيهات من لايزال يصدق من مثل هكذا وعود انتخابية!
لو افترضنا، أن تلك البرامج التي عرضتها جميع الأحزاب السياسية، خاصة المشاركة في الحكومة، تتسم بالموضوعية والمصداقية، وكانت فعلا تفعل على أرض الواقع، لصارت وضعية بلادنا غير الوضعية التي تشهدها اليوم، والتي يعشش بداخلها البطالة، والأمية والفقر، والهشاشة، والإقصاء، منذ سنوات خلت، فقط هذه البرامج تصنف كتجارب انتخابية تنهجها الدكاكين السياسية مرة كل خمسة أعوام بالنسبة للسلطة التشريعية وست سنوات بخصوص الجماعات المحلية.
وفي السياق ذاته، البرامج الانتخابية، التي يتم عرضها أمام الملأ، تتكون من الوعود المعسولة، والمشاريع والأرقام المستقبلية، التي لا يعرف المواطن البسيط، على أي قاعدة اعتمدت تلك الأحزاب في طرحها على الناخبين، مادام لا أحد سيقوم بمحاسبتها ومتابعتها بقوة في نهاية المطاف على تلك البرامج، حيث صار الرأي العام الوطني، لا يعبأ بما تزخر به تلك الوعود من شعارات كاذبة، لأنه أصبح مليا يفهم اللعبة بشكل جيد، ومتيقن أن تلك الهيئات السياسية، لا تحركها سوى منظومة الربح والخسارة، بمعنى أدق “كم ربحت..وكم خسرت”، وكم مقعدا برلمانيا سيتحصلون عليه في الصراع الانتخابي، وكم من حقيبة وزارية ستكون من نصيبهم.
اليوم، صار المواطن المغربي يوعي جيدا، دسائس اللعبة السياسية، باستثناء نسبة قليلة التي لازالت تنسى أو تتناسى، كما صار يدرك بامتياز، أن الإصلاح والتغيير الحقيقي، لا تنتجه تلك البرامج الانتخابية التي تلح الدكاكين السياسية في كل الاستحقاقات، على أنها هي من ستخرج المغرب من عنق الزجاجة، هذه الأساليب هي من تدفع الكثير من المغاربة العزوف عن التصويت في هذه الانتخابات –مع أني ضد المقاطعة- لأنهم قنطوا من هذه الأحزاب، ومن وجوهها التقليدية التي لا تتبدل ولا تتغير، ولا تطرح خطابات واقعية وحقيقية، يمكن أن تساهم في التغيير على مستوى العديد من المجالات، وتنفع به العباد والبلاد.
كل هذه الأحزاب، تتصارع فيما بينها من أجل الظفر بالرتبة الأولى في الانتخابات المقبلة، للأمانة لن تجد حزبا واحدا منهم يمكنه أن يوفي بوعوده تجاه المواطنين، التي قطعها على نفسه في حالة تزعمه للأغلبية الحكومية، وفي يوم تشكيل أعضاء هذه الأخيرة، لا يملك الجرأة والشجاعة على تفعيل برنامجه الانتخابي، بحجة أنه سيضطر إلى التحالف مع أحزاب أخرى، وبهذا سيقدم تنازلات من أجل مصلحته الذاتية.
الكائنات السياسية المغربية، التي تملأ المكان ضوضاء، بالشعارات، والتجمعات، والشجارات الكلامية والجسدية، كلها تساعد وبشكل مباشر في هذه المقاطعة الجماعية عن الاستحقاقات الانتخابية، وعن الحقل السياسي بصفة عامة، ولو كانت هذه الأحزاب يتسم خطابها السياسي بالمصداقية، وإلى مدى التزامها بوعودها، ومدى جديتها وغير قابلة أن لا تستقر على رأي، لما تنهج في كل محطة انتخابية، سياسة دموع التماسيح ومعاملة الدراويش، وذلك من أجل التأثير على الناخبين واستجداء أصواتهم، وبعد ذلك الاختفاء الكلي مثل “الدببة” في فصل الشتاء وعدم التواصل معهم، إذن، أيها المواطن كل محطة انتخابية، وأنت بألف خير.