الألباب المغربية/ نادية عسوي
متابعتي للأخبار المحلية هذا الصباح حملت لي خبراً عن تأييد حكم بالسجن في حق أحد رؤساء الجماعات بسبب ملف فساد مالي وإداري. للوهلة الأولى، يبدو الأمر انتصاراً للقانون، لكنني وجدت نفسي أستسلم للتأمل أكثر مما أستسلم للارتياح.
فالسجن عقوبة للجسد، لكنه لا يعيد المال إلى أصله، ولا يُصلح ما أفسدته سنوات من اختلالات. المواطن يدفع الثمن في صمت، ثلاث مرات: حين ضاع المال العام، وحين لم يُسترجع، وحين يُنفق من جديد على السجين في طعامه وشرابه وعلاجه. وهنا يتشكل سؤال داخلي عميق: أين الربح الحقيقي للناس؟
المفارقة أن السجين قد يقضي سنواته كما لو كان في سفر بعيد، أو طالباً يتابع دراسته في منفى اختياري، ثم يعود ليجد الأموال والأملاك التي نهبها تنتظره في مكانها، ثابتة لا تتحرك. بينما المواطن، الذي لم يخطُ خارج حدود مدينته، يظل أسير النقص: نقص مدرسة هنا، مستوصف هناك، أو طريق لم تُعبد قط.
العدالة لا تُقاس فقط بالزنازين والأحكام، بل بقدرتها على إعادة التوازن المفقود إلى حياة الناس. فالمحاسبة الحقيقية ليست أن يُعاقَب الفرد وحده، بل أن تُشفى الجماعة من جرحها، بأن تعود إليها ثرواتها، وتُحوَّل إلى إنارة في شارع مظلم أو مقعد لطفل في مدرسة قريبة.
ربما على المرء أن يتأمل أبعد من لحظة الحكم، وأن يدرك أن العدالة في جوهرها ليست صراعاً بين مذنب وبريء، بل بحث جماعي عن معنى أعمق: أن يكون الوطن بيتاً لا يُسرق من داخله، وأن يكون القانون جسراً يُعيد المفقود لا مجرد بابٍ يُغلق خلف من أخطأ.