الألباب المغربية/ علال بنور
صدر سنة 2021 للباحث السوسيولوجي والناقد عبد الله اتهومي، كتاب حي عين الشق، عبارة عن دراسة، تتكون من 222 صفحة من الحجم المتوسط، تضم قسمين كبيرين، القسم الأول يتحدث عن النشاة والإطار القانوني للتعمير، والقسم الثاني خصصه لمعالم الحي في طبعته الأولى.
في اعتقادي أن هذه الدراسة تتميز بالتفرد من صنف الدراسة المونوغرافية ،تتضمن تفاصيل الاحداث مرفقة ومعززة بصور وخرائط وووثائق قانونية التعمير، الشيء الذي أعطى للكتاب عمل متفرد ،ينم عن مجهود فكري وبحث مضني عن المعلومة ،كما اعتبر هذا الكتاب/الوثيقة مفيد ا للباحث والدارس في حقل التاريخ والقارئ المتتبع، كتاب يربط بين الماضي والحاضر، حيث استطاع الأستاذ عبد الله أن يمد جسور المعرفة التاريخية بين بداية مشروع بناء الحي 1936 الى بداية الألفية الثانية بمهارة محترف سوسيولوجي وناقد ابداعي، يعرف كيفية الامتداد في الزمن والمكان.
يتقدم الكتاب مقدمة شاملة للحي، يقول الكاتب في مقدمة كتابه موضوع الدراسة، “مساهمة بسيطة نحاول من خلالها التعرف على ما تحمله عين الشق من دلالات وما تشكله من خصوصيات”. اعتمد في دراسته على أرشيف بكر وخصب غير منشور عبارة عن سجلات، كما اعتمد على دراسة، لم تعد متوافرة في المكتبات على الأقل الوطنية، وهي “الدار البيضاء: قصة مدينة”، للمهندس المعماري ميشال ايكوشار MICHEL ECOCHARD الذي شغل مديرا للتعمير ما بين سنتي 1946 /1952، والذي أتم تصاميم ما قام به HENRI PROST الذي وضع تصاميم لأحياء المدينة، خاصة المدينة الاوربية كما اعتمد الكاتب على الرواية الشفاهية التي زادت من مصداقية الدراسة.
في المحور الأول من الدراسة، قدم لنا الأستاذ عبد الله نشأة وامتداد الحي بتفاصيل التفاصيل، معززة بالصور والخرائط وظهائر وتصاميم، ولم يقف الباحث عند حدود عين الشق، بل امتد بحثه الى باقي الأحياء التي شكلت ما سمي بالمدينة الجديدة والتي تحولت أحياؤها القصديرية الى بناء اسمنتي من عين الشق الى أحياء كل من بنمسيك وكريار سنطرال وسيدي البرنوصي والحي المحمدي وبورنازيل وسيدي عثمان، هذه الأحياء كانت في سابق عهدها عبارة عن نوايل وبراريك. فالكاتب ركز على حي عين الشق مشيرا على أنه حي بني انطلاقا من تصميم المهندس ميشال ايكوشار، بكل مرافقه الاجتماعية من مستشفى ومدارس ومسجد ودار خاصة بالعجزة والأطفال وحدائق ومساحات وسوق وإدارة.
أما على مستوى الساكنة، ورد في الكتاب، الأصول الاجتماعية للساكنة المهاجرة من الشاوية والسراغنة ودكالة وسوس، وغيرها من المناطق المغربية، ولم يفت الكاتب الوقوف عند تسمية ودلالة ومعنى حي عين الشق، فجاءت الإحالة على عين ماء، كانت تسمى بعين الصابون. وثقها بصورة جد معبرة حيث نسوة الحي يقمن بعملية تصبين ملابس أسرهن .
أما المحور الثاني، سماه الكاتب بالمعالم وحددها في إحدى عشر معلمة، وفي كل معلمة افاض فيها الحديث بكل التفاصيل، ليعطي للمعنى دلالة بكل التفاصيل الدقيقة للمكان ووظيفته الاجتماعية، وهي معالم لها بعد اجتماعي:
– معلمة البريد: شيدت 1955 وضع تصميمها المهندس Jean François Zevaco يحدد الكاتب مكانها بشكل دقيق.
– معلمة دار الأطفال: يضم مجموعة من العمارات مقسمة بين الفتيات والذكور والمسنين وهي عبارة عن خيرية.
– دار المحاربين: تسميها العامة بدار العسكري، خاصة بالإدارة العسكرية للحماية الفرنسية كما ضمت جنود مغاربة الذين حاربوا الى جانب فرنسا ضد ألمانيا وفي، حرب الفيتنام، أثناء الحرب العالمية الثانية.
– معلمة لمصلى: مساحة عارية خاصة بالصلاة أثناء الأعياد الدينية.
– معلمة دار القاضي ابن ادريس العلوي: تواجدت قبل بناء حي عين الشق عبارة عن قصبة كانت مقر سكنى ابن دريس (1897 / 1951) حفيد السلطان محمد بن عبد الله.
– معلمة بناية دار إذاعة عين الشق: بنيت ما بين 1948 و1950 صممت من طرف المهندس الفرنسي Belliot كانت معزولة بين الحقول.
– معلمة صفارة الإنذار: المعروفة عند العامة بالزواكة فوق سطح بناية مقاطعة عين الشق لها وظيفة إخبارية في شهر رمضان.
– معلمة ضريح الولي سيدي مسعود: كانت تتواجد بين الحقول، يأتيها فقراء المدينة للتنزه أيام العطل الأسبوعية والمدرسية وفي الأعياد.
– معلمة لاسكام: عبارة عن بناية للشركة التعاونية الفلاحية المغربية، تحوي مخازن الحبوب.
– معلمة شجرة Jacaranda من أصل أمريكا الجنوبية، زينت بها شوارع حي عين الشق.
– معلمة حجارة Pave لتبليط الأزقة والشوارع.
– معلمة محطة القطار بسيدي معروف: أشرف على بنائها الجنيرال داماد.
عموما تعتبر منوغرافية عين الشق، دراسة دقيقة في تفاصيلها، غنية بالمعلومات والأحداث والمنشٱت التاريخية، المفيدة لكل دارس وقارئ. كتاب بمعلوماته يغري القارئ لتتبع تفاصيل الأحداث بفضول معرفي.