الألباب المغربية
في تطور خطير يكشف عن تصاعد التوتر الأمني بين فرنسا والجزائر، أعلنت السلطات الفرنسية عن توقيف موظف في وزارة الاقتصاد والمالية بتهمة تسريب معلومات سرية إلى جهات جزائرية، في قضية تسلط الضوء على تعقيد العلاقات الاستخباراتية بين البلدين. الموظف المعتقل، البالغ من العمر 56 عامًا ويحمل الجنسيتين الفرنسية والجزائرية، كان يشغل منصبًا حساسًا في الإدارة الرقمية للوزارة، ما أتاح له الوصول إلى بيانات سرية تتعلق بمصالح الدولة الفرنسية.
- تفاصيل القضية والتحقيقات الجارية
بحسب صحيفة لوباريزيان، بدأت التحقيقات في 31 يونيو 2024 بعد تلقي معلومات استخباراتية حول قيام الموظف بتبادل بيانات سرية مع مسؤول جزائري يعمل تحت غطاء دبلوماسي. وفي 16 ديسمبر، قامت المديرية العامة للأمن الداخلي (DGSI) بتوقيفه، ليتم تقديمه أمام قاضي التحقيق في 19 ديسمبر، حيث وُجهت إليه تهم “التخابر مع قوة أجنبية” وتسليم معلومات تمس بالمصالح الأساسية للأمة إلى قوة أجنبية. ورغم خطورة التهم، وُضع تحت المراقبة القضائية في انتظار استكمال التحقيقات.
- تسريب معلومات عن معارضين وصحافيين
كشفت التحقيقات أن الموظف الموقوف زوّد مسؤولين جزائريين بمعلومات سرية عن عدد من الشخصيات المقيمة في فرنسا، بمن فيهم معارضون سياسيون وصحافيون وأفراد من الجالية الجزائرية. هذه التسريبات تثير مخاوف جدية حول تأثير الاستخبارات الجزائرية في الساحة الفرنسية، خاصة أن المعلومات التي تم نقلها تتعلق بأفراد قد يكونون عرضة للتهديد أو التضييق من قبل النظام الجزائري.
- تورط موظفة في مكتب الهجرة والاندماج
لم تتوقف تداعيات الفضيحة عند هذا الحد، فقد كشفت التحقيقات عن تورط موظفة في المكتب الفرنسي للهجرة والاندماج (Ofil)، تبلغ من العمر 46 عامًا، كانت على علاقة بالموظف المعتقل. واتضح أنها زودت جهات جزائرية بمعلومات حساسة تتعلق بالوضع الشخصي والإداري لمواطنين جزائريين يطلبون اللجوء أو تصاريح إقامة في فرنسا، وهي معلومات تهم أجهزة الأمن الجزائرية. وقد وُجهت إليها تهمة “انتهاك السر المهني” وتمت إحالتها إلى القضاء.
- تورط دبلوماسي جزائري في الفضيحة
أفادت مصادر التحقيق أن المسؤول الجزائري الذي تلقى المعلومات كان يعمل تحت صفة دبلوماسية، ما منحه حصانة قانونية حالت دون إمكانية ملاحقته قضائيًا. ويفتح هذا المعطى الباب أمام تساؤلات حول مدى تورط الدوائر الرسمية الجزائرية في عمليات استخباراتية تستهدف معارضي النظام خارج البلاد.
- انعكاسات الفضيحة على العلاقات الفرنسية-الجزائرية
تأتي هذه القضية في وقت تشهد فيه العلاقات الأمنية بين باريس والجزائر توترًا غير مسبوق. فقد أكدت سيلين بيرثون، مديرة الأمن الداخلي (DGSI)، أن التعاون الأمني بين البلدين يعيش أسوأ مراحله، مضيفة: “الوضع مع الجزائر معقد. في الوقت الحالي، علاقاتنا على المستوى الأمني محدودة للغاية.”
هذه الفضيحة تعكس حجم التحديات التي تواجهها فرنسا في تأمين مؤسساتها من الاختراقات الاستخباراتية، وتفتح الباب أمام تساؤلات حول مدى قدرة الأجهزة الفرنسية على التصدي للتجسس الأجنبي داخل إداراتها الحيوية.
تشكل هذه الفضيحة حلقة جديدة في سلسلة الأزمات التي تعصف بالعلاقات الفرنسية-الجزائرية، وتكشف عن أساليب التجسس التي تعتمدها بعض الدول لاختراق المؤسسات الحساسة. ومع استمرار التحقيقات، يبقى السؤال الأهم: كيف ستتعامل السلطات الفرنسية مع هذه القضية؟ وما التداعيات التي ستترتب عليها في المشهد الدبلوماسي بين البلدين ؟