الألباب المغربية/ زهرة حيضر
أصبح المجتمع المغربي يعرف انتشار ظاهرة تزويج القاصرات بشكل كبير، ظنا بأنه من الممكن أن يحقق الحماية للفتيات في وقت مبكر من العمر، طبعا كل هذه معتقدات يتبناها المجتمع المغربي في غير إدراك أن هذه أفكار خاطئة وبإمكانها أن تدمر حياة طفلة وتقتل طفولتها وأحلامها.
تزويج القاصرات بالمغرب يحصد آلاف الحالات سنويا، بحيث أفاد مؤخرا رئيس النيابة العامة أن سنة 2022 سجلت نحو 20097 طلب للحصول على إذن بتزويج القاصر ، وتم رفض 6445 طلب،
بينما تمت الموافقة على 13652 طلب لأنه هناك استثناء فالقانون في البند 20-21 في مدونة الأسرة، الذي يعطي الصلاحية للقاضي بالتزويج قبل السنة القانونية في 18 سنة.
ويشهد إقليم الخميسات العديد من هذه الظاهرة الخطيرة، بحيث يتم التحايل على القانون وعند الرفض يلجؤون لحلول بديلة، الأمر الذي نتج عنه ظواهر سيئة وغير آمنة مثل الزواج بالشيك، زواج با”كونطرا، زواج بعقد دين، وكذلك الزواج بالفاتحة، نعم وصلنا إلى مرحلة بيع البنات ورهنهن.
طبعا هذا ما لاحظناه في العمل الميداني الذي قمنا به خلال جولتنا داخل الأسواق الأسبوعية بالإقليم والقرى المجاورة،
وخلالها صادفنا شهادات حية، والبعض يبرر تزويج بناتهم بسبب الفقر والهشاشة والبعض يقول أن البنت مكانها هو دار زوجها والبعض الٱخر يقول أنه عنده قنبلة موقوتة في منزله.
إن تزويج الفتيات في سن مبكرة ينتج عنه في غالب الأحيان أضرار ومخاطر كثيرة على الحالة الصحية وعلى حياة الطفلة القاصر.
إذ يعد الحمل المبكر والولادة المبكرة من الأسباب الكبرى لوفاة ومرض الفتيات القاصرات دون سن 18 سنة.
الزواج المبكر يعرض كذلك الفتاة لمشاكل صحية بسبب ضعف البنية الجسدية بحيث تكون غير جاهزة لعملية الجماع والحمل والولادة الشيء الذي يتركها تمر بتجربة صعبة وقاسية بالإضافة الى أن الفتيات الحوامل يتعرضن لمضاعفات كارتفاع الضغط الدموي وتسمم المناطق الحساسة بنسبة 20 % مقارنة مع الحوامل في سن أكبر، ويصبحن كذلك أكثر عرضة للإصابة بناسور الولادة الذي يعتبر من أشد أنواع الاعتلالات الولادة تحطيما لحياتها.
كما يجب أن نعرف أن تأثيرات الزواج المبكر تجاوزت الأمهات لتطال مواليدهم أيضا، فمعدل وفيات أطفال الأمهات القاصرات يرتفع بنسبة 50 % مقارنة بالأمهات في سن أكبر.
كل هذه التأثيرات لا تتوقف هنا فتزويج القاصر يؤدي أيضا إلى الإصابة بعدة أمراض خطيرة ومميتة، مثل سرطان عنق الرحم والأمراض المنقولة جنسيا لأن جسد الفتاة ضعيف ويسهل انتقال العدوى التناسلية
وبالتالي الإصابة بمجموعة من الالتهابات الخطيرة كما تكون أكثر عرضة للعنف المنزلي والاغتصاب الزوجي والعنف الاقتصادي ..
ان إجبار الفتاة على ممارسة العلاقة الحميمية بعد الزواج كفيل بظهور عدة اضطرابات نفسية وجسدية في حياتها.
ويعتبر تزويج القاصرات انتحار مجتمع بأكمله، الفتاة مكانها المدرسة وليس بيت الزوجية، وبدل ما تتأبط طفل بين ذراعها تتأبط الكتاب الذي يحمل أحلامها وأهدافها ونجاحتها، ومن واجبنا أن نغرسوا داخل أي طفلة أن التعليم هو الأساس بالحياة وبأنها شخص ذو كيان مستقر .