الألباب المغربية/ بدر شاشا
في السنوات الأخيرة، أصبحت ظاهرة التسول تنتشر بشكل واسع في مختلف أرجاء المغرب، من المدن الكبرى إلى الأحياء البسيطة، ومن أمام المساجد والمحطات إلى الشوارع والمقاهي. ولعل اللافت في هذه الظاهرة ليس فقط انتشارها الكبير، بل أيضًا الأساليب المتعددة التي يلجأ إليها البعض لإثارة تعاطف الآخرين، حيث نجد بعض المتسولين يتقمصون أدوار المرضى أو المحتاجين بشكل ملفت ليكسبوا من خلاله القلوب والأموال.
تخذ هذه الأساليب أشكالاً متنوعة، كالتظاهر بالإعاقة، أو الجرح، أو المرض المزمن، أو حتى الخروج بأطفال صغار لإثارة العاطفة، مما يجعل المارة يجدون أنفسهم بين الحيرة والشفقة، فيميلون إلى تقديم العون دون التأكد من صدق الحاجة. إلا أن المفاجأة تكون في بعض الأحيان صادمة، حين يُكتشف أن بعض هؤلاء المتسولين يملكون منازل أو أراضي زراعية، بل ويديرون حياتهم بموارد جيدة، لكنهم يفضلون اللجوء للتسول كوسيلة لجمع المال السريع، دون تعب أو جهد.
هذا الوضع يكشف عن جانب آخر مهم وهو التأثير السلبي لهذا النمط من التسول على ثقة المجتمع وتضامنه، إذ إن تكاثر هذا النوع من الاحتيال يجعل الناس يفقدون الثقة في مساعدة المحتاجين الحقيقيين، مما يزيد من التحديات الاجتماعية ويزيد من معاناة من هم بالفعل في أمس الحاجة للدعم.
لهذا السبب، تبدو فكرة إنشاء بطاقة الاحتياج ضرورة ملحة، حيث يمكن لهذه البطاقة أن تكون وسيلة لتصنيف وتوثيق المحتاجين الحقيقيين. تشمل هذه البطاقة البيانات الشخصية مثل الاسم الكامل، ورقم بطاقة التعريف الوطنية، وتوفر معلومات واضحة حول الوضع الاقتصادي للمتقدم، لتحديد إذا كان فعلاً في حاجة للمساعدة أم لا.
ستكون هذه البطاقة وسيلة موثوقة للتحقق من امتلاك الشخص لممتلكات كالمنزل أو الأراضي، بحيث لا تُمنح البطاقة إلا لمن يستحقها فعلاً، مما يسهم في توجيه المساعدة للمحتاجين الفعليين، ويوفر آلية لمكافحة استغلال التسول كحيلة للاحتيال.
إنشاء بطاقة للتسول المبني على الحاجة سيكون خطوة ضرورية لإعادة تنظيم هذا المجال وضبطه، بما يضمن وصول الدعم للمستحقين ويحد من انتشار مظاهر الاحتيال التي تستغل عواطف المجتمع ومشاعره الطيبة.