الألباب المغربية
افتتحت اليوم الإثنين 20 أكتوبر الجاري بطنجة، أشغال المؤتمر المغربي السويسري حول الاقتصاد الدائري والمستدام، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
ويجمع هذا الحدث الهام، المنظم من قبل التحالف السويسري المغربي، تحت إشراف وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ممثلين سياسيين ومؤسساتيين رفيعي المستوى، ومسؤولين عن شركات وخبراء من المغرب وسويسرا، وذلك من أجل تعزيز التبادل بين البلدين وبناء اقتصادات تنافسية ومستدامة بشكل مشترك.
ويعد هذا المؤتمر رفيع المستوى، المنظم بشراكة مع سفارة الاتحاد السويسري بالمغرب، وولاية الجهة، والمجلس الجهوي، والاتحاد العام لمقاولات المغرب بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة، والمركز الجهوي للاستثمار، وشركاء مؤسساتيين آخرين، منصة للتبادل والشراكة بين المسؤولين العموميين والفاعلين الاقتصاديين والأكاديميين والخبراء من كلا البلدين، من أجل استكشاف فرص التعاون في إطار نموذج نمو أخضر وشامل.
ويندرج هذا اللقاء، الذي يأتي في سياق اللقاءات الثنائية بين المملكة المغربية والاتحاد السويسري، في إطار دينامية التعاون الدولي الرامية إلى تعزيز الانتقال الإيكولوجي، وتنافسية المقاولات، وضمان استدامة النماذج الاقتصادية.
وفي هذا السياق أكد اليزيد محسن، الرئيس المشترك للتحالف السويسري المغربي، أن هذا اللقاء يمثل مغامرة جماعية جميلة انطلقت من قناعة بسيطة لكنها جوهرية وهي: ضرورة توحيد الجهود لبناء نموذج تنموي أكثر احتراما لكوكب الأرض وأكثر عدالة لمجتمعاتنا.
وأوضح أن هذا بالضبط هو ما يجسده هذا التحالف فهو، يضيف “جسرا بين بلدين، وثقافتين، وأيضا بين نساء ورجال يتقاسمون الرغبة نفسها في العمل، والإيمان ذاته بالتعاون، والثقة نفسها في قوة الحوار”، مشددا على أن الاقتصاد الدائري ليس مجرد مفهوم تقني، بل هو طريقة لإعادة التفكير في عاداتنا، وإحياء مواردنا.
وأشار اليزيد إلى أن المؤتمر يشكل فرصة حقيقية لإعادة ابتكار النماذج الاقتصادية، وخلق فرص شغل مستدامة، وتعزيز الروابط بين الأقاليم، مبرزا أن هذا الحدث يمثل، كذلك، فضاءً للقاء والتبادل والبناء المشترك، حيث تتقاطع الأفكار وتنسج العلاقات وتولد مشاريع المستقبل.
من جهتها، أوضحت حفصة لخليفي، مديرة الاقتصاد الدائري ومكافحة التلوث بوزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، أن موضوع الاقتصاد الدائري والمستدام يقع في صميم الأولويات الاستراتيجية للمملكة، مشيرة إلى أن هذا اللقاء يندرج في إطار الرؤية النيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي جعل من التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية والمجالية ركيزة أساسية للنموذج التنموي الجديد والاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة في أفق 2035.
وبعد أن ذكرت بالتزام المغرب ببناء اقتصاد أخضر وتنافسي ومنخفض الكربون، شددت لخليفي على أن الاقتصاد الدائري والمستدام يمثل فلسفة حقيقية للتنمية ترتكز على المسؤولية والنجاعة والتضامن، مسلطة الضوء على المبادرات التي أطلقها المغرب، خاصة في مجالات تدبير النفايات الصلبة، وتثمين المياه العادمة، وتطوير الطاقات المتجددة.
وفي هذا السياق، أبرزت أن المغرب أطلق إعداد خارطة طريق وطنية للاقتصاد الدائري، تهدف إلى تحويل نماذج الإنتاج والاستهلاك، وتشجيع الابتكار، وتسريع الانتقال نحو تنمية مستدامة وشاملة، معتبرة أن هذه الندوة تشكل فرصة ثمينة لإجراء حوار بناء حول آفاق التعاون المغربي السويسري، وتقريب القطاعين الخاصين بالبلدين، وتشجيع الاستثمارات المسؤولة، وتيسير التبادل التكنولوجي، وتعزيز الممارسات الفضلى في قطاعات استراتيجية.
أما سفير سويسرا بالمغرب، فالنتين زيلويغر، فأشار إلى أن الموضوع المختار لهذا اللقاء: “كيف نتقدم معا نحو اقتصاديات تنافسية ومستدامة؟”، يعكس تماما الطموحات المشتركة للمغرب وسويسرا في مواجهة التحديات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية الراهنة، مبرزا أن إدراج المغرب ضمن قائمة الشركاء ” ذوي الأولوية” لسويسرا يعد اعترافًا بدور المملكة كفاعل رئيسي في التنمية الإقليمية والعالمية.
كما نوه بالدور المهم الذي يلعبه التحالف السويسري المغربي في بناء جسور دائمة بين البلدين، بفضل الحوار، وتبادل التجارب، وإبراز النجاحات المشتركة، معربا عن أمله في أن تتوج هذه الندوة بمشاريع جديدة، وتعزز أوجه التكامل، وتكرس الطموح المشترك لبناء اقتصاديات تنافسية وشاملة ومستدامة.
من جانبه أكد ربيع الخمليشي، المدير العام للمصالح بالمجلس الجهوي، أن الاقتصاد الدائري يمثل توجها استراتيجيا بالنسبة للمغرب، المنخرط في دينامية الاستدامة تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، مبرزا أن المجلس الجهوي وضع إطارا استراتيجيا للتدخل من خلال برنامجه للتنمية الجهوية، والذي يتمحور حول خمسة محاور، يحتل فيها الاقتصاد الدائري مكانة مركزية.
وجدد في هذا الإطار التزام المجلس الجهوي لطنجة تطوان الحسيمة بدعم ومواكبة هذه الدينامية، معربا عن أمله في أن تسفر هذه الندوة عن تحديد سبل عمل ملموسة وحلول مستدامة لتعزيز الاقتصاد الدائري.
وسيعرف المؤتمر، تنظيم جلسات تحت عنوان “قادة في الميدان”، تسلط الضوء على تجارب ملموسة في مجالات تثمين النفايات، والبناء المستدام، والنسيج الدائري، والفلاحة البيولوجية، إلى جانب زيارات ميدانية لعدد من المواقع النموذجية من بينها منصة “جيوسايكل” (أم عزة بالرباط،) وميناء طنجة المتوسط، والرحبة الريحية بطنجة.
تجدر الإشارة إلى أن التحالف السويسري المغربي قد تأسس عام 2023 بهدف تعزيز أواصر التعاون والصداقة بين البلدين، بروح من الشراكة المتوازنة والالتزام المشترك من أجل مستقبل مستدام.
ويطمح التحالف السويسري المغربي من خلال هذا المؤتمر، توحيد الجهود بين القطاعين العام والخاص حول رؤية مشتركة للاستدامة، تقوم على تدبير عقلاني للموارد واعتماد نماذج اقتصادية مبتكرة وتنافسية تراعي البيئة.