الألباب المغربية/ يونس منصوري
في هذا الوطن، حتى الكرة لم تسلم من “الانتماء العائلي”. لم تعد الأقدام هي من تحسم النتائج، بل الألقاب العائلية والروابط الخفية وأرقام الهواتف التي تُفتح في صمت قبل كل نهاية موسم. صعد فلان؟ طبيعي، خاله في العصبة.
نزلت تلك المدينة المهمّشة ؟ عادي، لا أحد يتذكرها أصلًا حتى في نشرات الأحوال الجوية.
أما الفريق الذي يحترق لاعبوه شغفًا في التداريب ويقتاتون الأمل من الفتات؟ فمصيره التنكيل الإداري والتهميش الممنهج.
أصبحت “الترقيات” الرياضية تُمنح بالولاء وتُصادر بالتجاهل. لم تعد الفرق تُعاقب على الأداء، بل على غياب الظهر. لم يعد الصعود رهين عدد الانتصارات، بل بعدد المكالمات.
في وطني، تسقط العدالة حتى في كرة القدم. يسقط المجتهد لأنه ابن دربٍ بسيط، ويُرفع المهرّج لأنه ابن صالونات القرار.
هنا، تُصعد الفرق لأنها فقط “محسوبة”، وتنزل أخرى لأنها لا تزعج أحدًا. هنا، لا صوت للملعب، بل للصالونات المظلمة. وهنا، لا معنى لـ”اللعب النظيف”، لأن “اللعب الذكي” في دهاليز الترتيبات أهم.
نعيش في بطولة تكتب نتائجها في الكواليس قبل أن تُلعب في الملاعب. بطولة لا تقيس الأداء بل تقيس المسافة بين النادي والمكتب المركزي.
والإعلام؟ صامت أو مشارك.
والمسؤولون؟ مشغولون بالتعيينات والتنقلات.
أما الجمهور؟ فهو آخر من يعلم، وأول من يُستَغفَل.
نعم، نحن في وطن يُقصى فيه الطموح ويُصعد فيه المطيع. وطن تتساوى فيه النكبات، من الملعب إلى البرلمان. وطن لا يكافئ الموهبة بل يكافئ القرب من السلطة، حتى في التسلية.
لهذا لا تسألني عن البطولة، بل اسألني عن أسماء الخوال والعمّات في الإدارة. فإن كنت ابن العائلة المناسبة، فحتى الهزائم ستُقلب انتصارات.