الألباب المغربية/ محمد لعريشي
تعيش جماعة سيدي الكامل والدواوير التابعة لها بإقليم سيدي قاسم واحدة من أصعب فتراتها، بعد أشهر من الانقطاع شبه التام والمتكرر للماء الصالح للشرب، وهو ما دفع الساكنة إلى الإعلان عن تنظيم مسيرة احتجاجية سلمية نحو عمالة الإقليم، في محاولة لإسماع صوتها بعد طول صبر ومعاناة.
ففي وقت ترتفع فيه درجات الحرارة بشكل قياسي، يجد مئات الأسر أنفسهم أمام أزمة عطش خانقة، حيث يضطر المواطنون يوميًا إلى قطع مسافات طويلة لجلب الماء عبر الدواب أو السيارات، بينما تعيش فئات أخرى تحت ضغط شراء المياه بأسعار لا تتناسب مع قدرتها المعيشية. مشهد يصفه السكان بالمذل، في منطقة معروفة بوفرة مواردها المائية.
مصادر محلية أكدت أن الأزمة ليست نتيجة ندرة المياه بقدر ما هي انعكاس مباشر لسوء التدبير والتراكمات التي خلفها المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، قبل أن تنتقل المسؤولية إلى الشركة الجهوية للخدمات. هذه الأخيرة ورثت قطاعًا مثقلًا بالاختلالات البنيوية والتنظيمية، جعلتها عاجزة عن إيجاد حلول جذرية وسريعة.
ويُجمع المتتبعون على أن هشاشة البنية التحتية وغياب الصيانة المستمرة أسهما في تفاقم الوضع، فيما يظل تدخل السلطات الإقليمية محتشمًا، ما يزيد من حدة التوتر. فعاليات جمعوية وحقوقية طالبت بفتح تحقيق شفاف حول الصفقات المرتبطة بتجهيزات القطاع، مع تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، تفاديًا لمزيد من فقدان الثقة.
عدد من السكان عبّروا عن سخطهم العميق، حيث قالت سيدة مسنة: “لم نعش قط مثل هذا الحرمان، كيف يُعقل أن نبحث عن الماء في أرض غنية بالفرشة المائية؟”، بينما شدد شاب على أن “الأزمة سرقت منا وقتنا وراحتنا، فأصبحنا نقضي يومنا في البحث عن الماء بدل رعاية أسرنا وأعمالنا”.
الاحتقان الحالي يأتي رغم الوعود الرسمية، إذ سبق لعامل إقليم سيدي قاسم، الحبيب ندير، أن أشرف يوم 17 أبريل 2025 على تدشين محطة جديدة لتزويد الجماعة بالماء، اعتُبرت آنذاك خطوة لإنهاء المعاناة. غير أن استمرار الانقطاعات المتكررة كشف محدودية المشروع في تلبية الحاجيات المتزايدة للسكان.
ويرى متتبعون أن تجاوز الأزمة يتطلب تدخلاً عاجلًا عبر عقد لجان تقنية إقليمية لتشخيص الوضع بشكل دقيق وتحديد مكامن الخلل، إلى جانب اتخاذ قرارات عملية تعيد الثقة للسكان. فالماء ليس مجرد خدمة عمومية، بل حق أساسي لا يمكن التفريط فيه، وأي تأخر إضافي في معالجته قد يؤدي إلى انفجار اجتماعي يصعب احتواؤه.