الألباب المغربية – مصطفى طه
حين تبحث عن نموذج فعلي لمصطلح كلمة عصامي، فلك أن تجده لدى لحسن الكتوس، رجل أعمال مغربي بدأ عمله من الصفر، واليوم هو مستثمر له مشاريع على مستوى الوطني، وكل ذلك بجده ومثابرته، تسلق هرم الشهرة وأصبح من أهم رجال الأعمال، في قصة عامرة بالكفاح والإلهام بدأها بالجد والمثابرة.
وصلة بالموضوع، فالكتوس ابن عائلة أمازيغية وبالضبط من تنغير، استثمر في المجال السياحي، وتربع على عرش الاقتصادي السياحي على صعيد جهة درعة تافيلالت، ونظرا لما ساهم به من خلال تطوير الاقتصاد الوطني، وخلق توفير مناصب شغل للشباب والنساء والأطر العليا، وما اتسم به من صفات حميدة وتواضع في التضامن الاجتماعي والإنساني، والدعم الثقافي، والرياضي، والسياسي، والجمعوي، فإنه استوجب منا الاهتمام البالغ في الكتابة والاعتراف بالجميل.
في تنغير، يعرف الصغار والكبار لحسن الكتوس، يعرفونه، حتى وإن لم يروه قَطّ، سمعته مردها إلى التوفق المدهش الذي حالفه في عالم المال والأعمال، حيث يعتبر واحدا من كبار أثرياء جهة درعة تافيلالت، لكن الذي يميزه هو أنّه بدأ من نقطة الصفر، ووصل إلى القمة مدفوعا بعصاميته المستمدة لصلابتها من تنغير، المتواجدة في القسم الجنوبي الشرقي للمملكة، وتحديدا بين كل من جبال الأطلس الكبير والأطلس الصغير، هذا من جهة.
من جهة أخرى، لحسن الكتوس، المقل بالكلام تواضعا، مؤسس المجموعة الاقتصادية السياحية الكبرى، لا نعرف عنه الكثير من المعلومات؛ لأن هذا الشخص يستحق الكثير من الدراسة والبحث، باعتباره شخصية وطنية، قدمت الكثير للاقتصاد الوطني عامة، وإقليم تنغير خاصة، وكذا للوطن وللمواطنين بشكل عام، بحيث يعد شخصية اقتصادية ستبقى راسخة في ذاكرة أبناء تنغير، مواطنين وتجارا ومستثمرين؛ رغم أنه ناشط اقتصادي معروف، لكن اسمه يعشقه الفقراء كثيرا وتلوكه ألسنتهم كل يوم، طبعا بالخير، إن هذا الرجل ينتمي إلى طينة خاصة، كشخصية ومسار وتجربة وثروة، ينفرد عن جميع المستثمرين، بصفات وخصال واختيارات بجهة درعة تافيلالت.
إن الأبرز هنا، هو دراسة السلوك الاقتصادي عند الكتوس، الذي يستنبطه ويستمده من المعارف الأمازيغية، ومن المرجعية الثقافية والحضارية التي تؤطر ذهنية التاجر الأمازيغي بشكل عام؛ لأنه ظل وفيا للمرجعية والقيم الأمازيغية، ونلاحظ ذلك في اعتماده على ذاته وعلى عرق جبينه، فقد رأينا أنه انتقل من كل المراحل الإجبارية التي يمر منها التجار الأمازيغ الأوائل، هذه الشخص أصبح مدرسة قائمة في مجال خلق الثروة والاقتصاد والسياحة، فضلا على أنه لم يفرط في المجتمع المدني بكل أصنافه، بل كان يمده بالدعم والمساعدات والنصح والتوجيهات.
وفي ذات السياق، فلحسن الكتوس من أعلام الخير، يخدم من حوله بكل طاقاته وإمكاناته، جعلته ظاهرة فريدة ، سنوات من الكفاح والاجتهاد والعمل الدؤوب، ظل خلالها سندا وعونا للبسطاء، يشق الصخر في سبيل خدمتهم والنهوض بهم وحياتهم، فقد نذر حياته لإسعاد أهله من بنى بلدته الذين ارتبط بهم ويعيش معهم بعقله وقلبه ووجدانه، والنهوض بوطنه الذي كان بالنسبة له الانتماء والوفاء والتضحية والفداء، إنه النموذج المثالي الذي يجب الاقتداء به عند ساكنة إقليم تنغير، رجل نجح بذكائه وعقليته التجارية الفذة، وجهوده وبصماته الرائعة في العمل الخيري والتطوعي التي لازالت وستزال شامخة وراسخة، أن يجعل من بلدته، منطقة نموذجية هزمت الفقر، والبطالة، واستطاعت أن تحقق الاكتفاء الذاتي اجتماعيا وثقافيا واقتصاديا بالمشاريع التنموية، والجهود الذاتية، دون أن يبحث عن جاه أو مال أو سلطة.
يعيش الكتوس في حب الخير والعطاء للناس والوطن، يبني ويعمر ويزرع بذور الخير بعيدا عن أضواء الشهرة، إيمانا منه “أن فى قضاء حوائج الناس لذة لا يعرفها إلا من جربها”، ضاربا بذلك نموذجا مشرفا وحضاريا للعمل الإنساني والخيري، وخير قدوة لكل طامح في النجاح، يقدم الدعم، والمساعدات، والنصح، والتوجيهات، ويحظى باحترام الجميع.
فلحسن الكتوس معروف كذلك حبه واعتزازه بالثقافة الأمازيغية، والحديث بها أينما حل وارتحل، ويدافع عنها ويعتني بمساعدة وتمويل الأنشطة الثقافية الأمازيغية، وحفظ التراث بمنطقة تنغير، وإذا أردنا، فيمكن اختصار القواعد الثقافية والاجتماعية التي بني عليها الفكر الاقتصادي عند الكتوس، نخص بالذكرالعمل المسترسل، والصبر لخلق الرأسمال، وهي ثقافة الشعوب الأمازيغية المستقرة في الجبال، والتي تعاني من ندرة الموارد، ومن اقتصاد الندرة جراء ضيق مساحة الأراضي المغروسة، والتقلبات المناخية، مما يولد لدى المجتمع ثقافة تدبير القلة، والإيمان بقوة العمل واستمراريته؛ وكذا روح الجماعة والعائلة الممتدة، فضلا عن الثقة وهي الرأسمال الكبير عند أهل تنغير، خاصة منهم الجيل الأول الذين يتعاملون ماليا وتجاريا برابط الثقة والكلمة؛ فالثقة هي سحر صناعة الثروة داخل الأوساط التجارية عند أهل تنغير، والبركة وهي التي يؤمن بها كل التجار المنطقة، وكبار المستثمرين والأثرياء، يسعون إلى امتلاك كل تجليات المقدس وخاصة البركة؛ فالكتوس يمول الكثير من المواسم الدينية، والمهرجانات الثقافية، والملتقيات الوطنية التي يتم تنظيمها على مستوى مدينة تنغير.