الألباب المغربية/ عزيز الخطابي
في زحمة الأحداث السياسية، خرج علينا النائب البرلماني أحمد التويزي، رئيس فريق حزب الأصالة والمعاصرة، بتصريح مثير للجدل تحت قبة البرلمان. وصف منظومة دعم القمح والدقيق بأنها “فضيحة”، مشيراً إلى أن بعض الشركات تنتج “دقيقاً مصنوعاً من الورق” للفئات الهشة. لنستعد لرحلة سريعة عبر معترك هذا التصريح، ونستعرض بعض الحقائق، ولكن بأسلوب ساخر.
لنبدأ بالتساؤل الجوهري: كيف يمكن لدقيق مصنوع من الورق أن يكون جزءاً من غذاء المواطنين؟ يبدو أن بعض الشركات قررت أن تبتكر في مجال الغش، لكن ليس بطريقة عادية. ربما يدور في خلدهم أن “دقيق الورق” سيكون له طعم رقيق، أو ربما يضيف لمسة فنية إلى الخبز. لكن دعونا نتذكر أن الخبز هو أساس المائدة المغربية، وليس قطعة فنية تزين بها جدران المعارض.
إذا كان التويزي صادقاً في اتهاماته، فنحن أمام فضيحة حقيقية تمس المال العام وصحة المواطنين. لكن، لنواجه الحقيقة، إذا كان ما قاله غير صحيح، فهل سيخرج أحد ليتحمل مسؤولية هذه المزايدة السياسية؟ بالطبع لا! فالحصانة البرلمانية لا تعني الحصانة من الأخلاق، وقد نكون أمام مشهد درامي في مسلسل الفساد.
لكن لنعد إلى موضوع الدعم. تشير التقديرات إلى أن الدولة تخصص نحو 16.8 مليار درهم سنوياً لدعم القمح والدقيق. سؤال واحد يطرح نفسه: إلى من تذهب هذه الأموال؟ يبدو أن الجواب محير، خاصة عندما نرى أن الفقراء لا يستفيدون منها، بينما تتدفق الأموال إلى جيوب الأغنياء والوسطاء. هل تحول الدعم إلى لعبة سياسية؟ أم أنه مجرد وسيلة لإرضاء الناخبين؟
وبينما يتحدث التويزي عن الفقراء، نجد الحكومة صامتة. لا بل، يبدو أنها اتفقت على عدم التعليق على هذه الاتهامات. ربما هم مشغولون بالتفكير في كيفية حل هذه المعضلة، أو أن هناك خطة سرية لإعادة توزيع الدعم، لكن يبدو أن هذه الخطة لم تُرسم بعد. وربما هم يخشون من أن تصدر تصريحات أكثر طرافة!
وماذا عن دور الجهات الرقابية؟ أين هي جمعية حماية المستهلك في هذه اللحظة الحاسمة؟ هل هي في عطلة؟ أم أن دورها اقتصر على المراقبة عن بعد، بينما يعيش المواطنون في حالة من القلق بشأن جودة طعامهم؟ يبدو أن الشفافية في توزيع الدعم أصبحت مجرد خيال علمي، ومفهوم العدالة الاجتماعية تحول إلى نكتة يتبادلها السياسيون في الكواليس.