الألباب المغربية/ ياسين بالكجدي
في ظل المستجدات الأخيرة المتعلقة باعتقال أحد الأشخاص بتهمة الاتجار في مادة الكوكايين، والتي لا تزال تفاصيلها قيد التحقيق القضائي، شهد الرأي العام موجة من التأويلات والتكهنات غير المبنية على معطيات دقيقة، خاصة بعد أن اختارت بعض المنابر الإعلامية الترويج للخبر بطريقة تفتقد إلى المهنية والحياد، من خلال الزج باسم أحد البرلمانيين السابقين في العنوان والتفاصيل، فقط لأنه شقيق الشخص المعني.
وبالرغم من أن المسطرة القضائية ما تزال جارية، ولم تصدر بعد أية إدانة في حق المشتبه به، فإن بعض الجهات الإعلامية لجأت إلى توظيف هذا الحدث من أجل تصفية حسابات سياسية وشخصية، بمحاولة ربط البرلماني السابق بالتهمة، دون تقديم أدلة أو معطيات موثوقة تفيد بوجود علاقة مباشرة بينه وبين ما نُسب إلى شقيقه.
هذا السلوك الإعلامي، الذي يبتعد كل البعد عن قواعد وأخلاقيات المهنة، يكشف عن انزلاق خطير نحو الإثارة والتشهير، من خلال تضخيم الخبر والتركيز على صفة “شقيق البرلماني” لجذب الانتباه وتحقيق أهداف انتقامية، دون مراعاة لمبدأ قرينة البراءة، ودون التمييز بين المسؤولية الفردية والمسؤولية الجماعية.
ويؤكد مقربون من البرلماني السابق، أن هذا الأخير لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بالوقائع الجارية، وأن لكل فرد مساره ومسؤوليته، مشيرين إلى أن الزج باسمه في هذا الملف يعتبر تشهيرا صريحاً ومساساً بسمعته وحقوقه الدستورية، كما أنه لا يستبعد أن يلجأ إلى القضاء لمتابعة كل من ثبت تورطه في النيل من شخصه أو التشهير بعائلته.
إن ما وقع يعيد طرح السؤال الجوهري حول مدى التزام بعض وسائل الإعلام بدورها الحقيقي في نقل الخبر بمهنية وموضوعية، بعيداً عن الحسابات السياسية الضيقة، وعن توظيف المنابر لخدمة أجندات لا تمت بصلة إلى جوهر العمل الصحفي النبيل.
فالصحافة الحرة والواعية، ليست تلك التي تتصيد الهفوات ولا التي تُسخر لأهداف انتقامية، بل هي التي تنقل الحقيقة كما هي، وتحترم كرامة الأفراد، وتلتزم بالقانون وأخلاقيات المهنة، بعيداً عن الإثارة والتحامل.
وفي انتظار ما ستكشف عنه الأيام المقبلة من تطورات في هذا الملف، يبقى القضاء وحده الجهة المخولة للحسم في الاتهامات، ويبقى الإعلام الحقيقي ذاك الذي يُنير الرأي العام بالحقيقة، لا الذي يُضلله بادعاءات مغرضة.