الألباب المغربية/ ذ. محمد خلاف
الجميع يتفق على كون الحدائق العمومية والمساحات الخضراء، أماكن للاستراحة والهدوء النفسي، وتساهم في توطيد العلاقات بين السكان وتقوي شعورهم بالانتماء لمدينتهم .. الفقيه بن صالح على غرار المدن الداخلية فهي في حاجة ماسة إلى هذه المساحات الخضراء خصوصا في فصل الصيف. إلا أن القيام بجولة بسيطة في هذه الحدائق العمومية خاصة المتمركزة بقلب المدينة تؤكد بالواضح حالة الإهمال واللامبالاة التي تعرفها، والتي يتحمل مسؤوليتها بالدرجة الأولى المجلس الجماعي باعتباره المسؤول الأول عن متابعة العناية بهذا المرفق البيئي وتدارك مواطن الخلل ( الإنارة ضعيفة جدا، أعمدة مصابيحها مدمرة لمدة طويلة، خيوطها بارزة وخطيرة، النافورات بئيسة، غياب كراسي للجلوس، غياب ألعاب للأطفال، انعدام حراس للمداومة.. ”لجان بيئية غير مفعلة أو تفعل متى يأمر زعيم لاربعا ولصوصه بذلك… فأمام استغراب ساكنة الفقيه بن صالح وزوارها تتجاهل المجالس الجماعية المتعاقبة على تسيير الشأن المحلي داخل المدينة تجاهلا تاما للحدائق العمومية والمساحات الخضراء المتواجدة داخل تراب الجماعة، ولا توليها أي اهتمام بالمرة، ويضل قسم الأغراس غائبا حاضرا على الورق، لدرجة أنه لم يعد أي اخضرار يرى بالعين المجردة، ولم تعد هناك أي جمالية تستقطب الزوار، وتكاد عينك لا تلتقط أي منظر جميل أو زهرة تحسب للمدينة التي اهتم مسؤولوها بالريع والهياكل الإسمنتية والإمضاءات والتراضي والاستيلاء على المساحات الخضراء وتحويلها لبنايات مدرة للدخل، متناسين أن الأمانة الملقاة على عاتقهم سيؤدى ثمنها غاليا يوم لا ينفع لا مال ولا بنون….
يبقى من حق ساكنة الفقيه بن صالح أن ترتاح وتتمتع بجمال الحدائق العمومية، التي تقبر ميزانيتها، وأصبحت معظمها مساحة جرداء، لا اخضرار فيها، تعاني منذ سنين من ضعف الإنارة العمومية، وصارت مناطق لجلب المتشردين نهارا، وقطاع الطرق بالليل الدامس، تهالكت أرضيتها الإسمنتية،..وتكسرت كراسيها، وأعمدتها الكهربائية تشكل خطرا على الأطفال، فلماذا تتجاهل المجالس الجماعية هذه الحدائق والتي يتوفر معظمها على موقع استراتيجي يمكن أن يعطي للمدينة صبغة أخرى من الجمال والجاذبية ؟؟؟ لماذا لا يخصص مجلس الريع ميزانية شفافة لإعادة هيكلتها، وخلق متنفس جديد يجمع بين جمال الطبيعة ولعب الأطفال؟؟؟ لماذا لا يهتم مسؤولو المدينة بهموم الساكنة ومصالحهم عوض الجري وراء ملأ جيوبهم ؟؟؟ ما المانع يا ترى الذي جعل المجالس الجماعية لا تولي هذه الحدائق أي اهتمام ؟؟؟ وما الذي جعلها تعجل بإقبارها ولو بعد حين؟؟؟ ولماذا أصبحت الطبيعة والمساحات الخضراء لا تجذب اهتمام مسؤولي المدينة بقدر اهتمامهم بالهياكل الإسمنتية ؟؟؟…. مازالت الحدائق العمومية المتواجدة بلاربعا وعلى قلّتها، (حديقة الكندي، حديقة أمام باب الأحد، حديقة قرب الجدارمية، حديقة المارشي، حديقة النقابة).. تعاني من وضع مأساوي للغاية جراء الإهمال الذي طالها أمام سياسة «البريكولاج» الموسمية، زمن الانتخابات أو زمن رصد الميزانيات، فلا يعقل أن تخصص ميزانية بالملايين للأغراس والصيانة، والحدائق في هذا الوضع، وأتحداهم أن يعلنوا عن مبلغ الميزانية المخصصة، والشركة المسؤولة، وطرق صرفها بالتفصيل… وربما هناك تسابق بين الأعضاء للإشراف على هذا الميدان رغم أن الزعيم هو المتحكم في الصفقة وهو من يعلم بخباياها، ويعلم من أين تؤكل الكتف، لأن التجارب علمته أكل (الكاميلات الباردات) .؟؟؟!!!!! فأصبحت معهم المدينة تعج بالكلاب الضالة التي أصبحت تصول وتجول… وأصبحت الساحات تشتكي من الأوساخ وانتشار القاذورات وأحيانا تراكم احتلال الباعة الجائلين… فإلى متى سيبقى الحس البيئي غائب عن السادة المسؤولين ؟ ومن المسؤول عن هذا الإهمال الذي طال عليه الأمد، فبعد صرف أموال طائلة على كل هذه الحدائق تم تركها للضياع في تبديد سافر للأموال العمومية؟ فتحولت الحدائق إلى فضاءات جرداء أجزاء منها تشبه قفارا لا خضرة فيها، تحوّل عشب أغلب أجزائها إلى حشائش ذات لون أصفر بفعل عدم سقيه أو سقيه بطريقة عشوائية من طرف متطفلين ( كيطلقو التيو وقت ما شاء، ويمشي دون احترام للأطفال والجلوس وأوقات الذروة…)؛ بينما اندثر العشب نهائيا من بعضها واكتستْ تُربتها لونَ الرماد. حيث تبدو الأزبال بارزة جوار الكراسي الصدئة المتناثرة هنا وهناك.
السبب هو غياب الوعي البيئي لدى المنتخبين، وقصور عمل اللجن البيئية التي تظهر فقط في الأيام الوطنية وفي الحملات الانتخابية….
إن المجلس الجماعي والفعاليات الجمعوية المهتمة بهذا المجال، مطالبون بضرورة الاهتمام بالفضاءات الخضراء وإلا ما الفائدة في إنشاء الحدائق والمساحات الخضراء في غياب ثقافة بيئية عند القائمين بتدبير الشأن المحلي؟