بإسدال الستار، نهاية الأسبوع الماضي، على منافسات مونديال قطر لكرة القدم، يكون العالم أجمع ودع واحدة من أنجح دورات العرس العالمي، تنظيما، وأداء، ومتعة، وإثارة.
وبالطبع، كان لنا كمغاربة نصيبا وافرا من الفرحة والسعادة، بفضل ما حققه أسود الأطلس، على مدى ما يقارب شهرا كاملا. فمن أول مباراة أمام منتخب كرواتيا، وحتى المباراة السابعة التي كانت مجددا أمام كرواتيا، عشنا تجربة لا مثيل لها، وحظينا بحلم جميل، تمنينا لو استمر فترة أطول.
أغلقنا ملف المونديال بمركز رابع، غير مسبوق عربيا ولا قاريا، وحصدت بلادنا أشكالا وألوانا من الإشادات والتنويهات، لكن صفحة واحدة ستبقى مفتوحة إلى وقت لاحق، وربما لأطول فترة ممكنة.
الأمر يتعلق بصفحة مهزلة التذاكر، حتى أبى البعض منا إلا أن يعكر علينا صفو الاحتفالات والأفراح بتألق نجومنا، واستئسادهم أمام عمالقة من القارة العجوز.
لا دخان من دون نار
لا نوجه أصابع الاتهام لا لزيد ولعمرو، لكننا بالمقابل نطالب أن يكون التحقيق نزيها، حتى تظهر الحقيقة، وحتى ينال كل واحد جزاءه.
عندما تحدثت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم عن فتح تحقيق لمعرفة ما وقع بالضبط في العاصمة القطرية، الدوحة، بعدما تعالت أصوات احتجاج الجماهير المغربية، بدعوى أن من كلفتهم الجامعة بتوزيع التذاكر على الجماهير التي تنقلت إلى قطر، كان لهم رأي آخر، وعندما أصدر حزت الحمامة بيانا خاصا عن الموضوع، مع قرارات عاجلة بانتظار استكمال عملية التحقيق في الموضوع، فهذا يعني أن هناك دخان، بل دخان كثيف، مبعثه نار كادت أن تأتي على اليابس والأخضر.
هناك الكثير من الكلام عن تسجيلات صوتية، وعن عملية بيع وشراء، وعن اغتناء غير مشروع، وعن عملية ريع من نوع خاص، و…… هلم جرا من تهم تسيء إلى أسرة كرة القدم الوطنية.
لا أحد ينكر أن كرة القدم أدخلت الكثير من السرور إلى البيوت المغربية، وأن اللاعبين وأفراد الطاقمين التقني والطبي، وحتى نكون منصفين بعض المسيرين أيضا، يستحقون كل أشكال التكريم، كما يستحقون تلك الالتفاتة الملكية السامية، التي أحاطهم بها جلالة الملك محمد السادس، تعبيرا من جلالته على أن العنصر البشري الكفء والمعطاء يستحق دائما أن نكافئه.
لكن أيضا، وداخل أسرة الكرة، هناك أشخاصا لا مكان لهم، وفي الكثير من المرات، تأكد أن المسير، ليس فقط هو الحلقة الأضعف في منظومة الرياضة الوطنية، بل يكون أحيانا هو “الباب الذي تأتي منه الريح”، وبالطبع في مثل هذه الحالة، لا خيار أمامنا سوى أن “نغلقه ونستريح”.
التسيير… الملف الشائك
في مناسبات عديدة، تأكد أن المسير يكون سبب كل البلاءات، وحتى خلال إعداد النموذج التنموي الوطني، تحدث كثيرون عن كون أزمة الرياضة الوطنية تكمن أساسا في العنصر البشري الذي يسير الأندية، والجمعيات، والعصب الجهوية، والجامعات الرياضية. ومما لا شك فيه أن اللجنة، التي كلفها جلالة الملك بإعداد النموذج التنموي، وقفت على حقيقة الأمر.
ولأن شكيب بنموسى يحمل اليوم حقيبة وزارة الرياضة، فهو مطالب بالانكباب على موضوع التسيير، وعلى وقف النزيف، وتنظيف أروقة الجامعات الرياضية الوطنية.
بالنسبة لجامعة كرة القدم، هناك حديث عن أن الجمع العام السنوي المقبل سيحمل الكثير من المفاجآت، وأن التافهين لن يبقى لهم مكان في ساحة المسؤولية.
علمنا مونديال قطر أن نثق في إمكانيات لاعبينا، وفي قدرات منتخبنا الوطني، كما جعلنا ننتقل من ضيق الهواية إلى سعة الاحتراف.
علمنا كيف نغير أفكارنا، وكيف نبني قناعاتنا، وكيف نحقق أحلامنا، عن جدارة، ونحن الذين لا فرق بينننا وبين من سبقونا إلى التألق والتفوق.
علمنا كيف نثق في كفاءة العنصر الوطني، وكيف نلتحم ونلتئم عندما يتطلب منا الأمر ذلك، وأن نواجه كل منافس بما يتطلب ذلك من عزيمة وإصرار.
لكن علينا أن نعلم جيدا أن هناك أشخاصا لم يكن لهم يوما مكانا داخل الساحة الرياضية الوطنية، ومع ذلك احتلوا أمكنة في الصفوف الأمامية، ومع هبوب رياح التغيير، آن الأوان أن يتركوا المكان لمن هو أحق بذلك، وليغادروا الساحة غير مأسوف عليهم.