الألباب المغربية/ تقرير: حليمة صومعي
تعتبر جهة بني ملال- خنيفرة وجهة مفضلة للسياح الباحثين عن تغيير المشهد واللياقة البدنية والذهنية والرفاهية في قلب الطبيعة، وذلك بفضل مناظرها الطبيعية الرائعة والجميلة وتنوعها البيولوجي الوفير وتراثها السوسيو- ثقافي الغني إذ أن هذه الجهة تتميز وتفتخر بعدد مهم من المؤهلات الطبيعية والثقافية التي يمكن أن تجعلها وجهة سياحية لا يمكن تفويتها. فهي تزخر بمواقع طبيعية جميلة ومحفوظة بغيرة، ومنتجات سياحية لم يتم استغلالها إلا قليلاً، إن لم تكن غير معروفة بعد لعامة الناس، مثل الرياضات الجوية والبحرية ورياضات الصيد، والرياضات الجبلية بما في ذلك المشي لمسافات طويلة والتسلق والرياضات المائية في الوديان والاستكشافية للمغارات، بالإضافة إلى تراث تاريخي ومعماري وثقافي استثنائي مع المنتجات والحرف اليدوية المحلية والأغاني والرقصات من قلب الأطلس الكبير الأوسط العميق.
تعتبر جهة بني ملال خنيفرة موطنا لصناعة سياحية اقتصادية في الغالب، تستمد أهميتها من غناها بالمواقع الطبيعية المتنوعة للغاية، والتي يحظى حوالي عشرين منها بشهرة عالمية، ومن بين مواقعها الرئيسية على سبيل المثال لا الحصر، ومن بين العديد من المواقع الجذابة الأخرى، بحيرة بن الويدان التي تقع على بعد 27 كيلومتراً من أزيلال في قلب مرتفع جبلي حيث تمتزج ألوان الأرض الحمراء مع لوحة خضرة من الأنواع النباتية العديدة التي تعطي المياه لونها الخاص. يُمارس هنا الصيد التقليدي والقنص التقليدي، وتُعتبر شلالات أوزود جوهرة تراث الجهة بالشمال الغربي لأزيلال بشلالها الرائع الذي يزيد ارتفاعه عن 100 متر والذي تتدفق منه المياه على مدار السنة.
يتميز وادي آيت بوكماز، المعروف أيضاً باسم الهضبة السعيدة، بمقومات زراعية لا يمكن إنكارها. فالغطاء النباتي الأخضر، والتراث المعماري المحفوظ جيداً، والثقافة الأمازيغية المتجذرة، والقرب من قمم الأطلس الكبير المرموقة، ووجود رسومات الكهوف وآثار الديناصورات ليست سوى بعض من ثروات الوادي. وهي تتمتع بصورة عالمية ترتكز على الجبال والثقافة الأمازيغية، من جهة أخرى، يعد وادي تاساوت أيضاً أحد أجمل الوديان في الأطلس الكبير. وقد حافظ على تقاليد الأجداد وهندسته المعمارية الرائعة. ومن المؤكد أن تغيير المناظر الطبيعية مضمون، وتوفر المنطقة للزوار مجموعة من الأنشطة التي تبدأ من جسر إيمي إن إفري الطبيعي الذي يبعد 6 كلم عن دمنات والذي يوفر بوابة جميلة للوادي الذي يؤدي بدوره إلى ورزازات.
غير بعيد عن بني ملال، عاصمة الجهة، تقع عين أسردون المشهورة بسحرها وثروتها المائية الواهبة للحياة، والتي تنبع من قاعدة سفوح تازماميت، وتحيط بها الأشجار والحدائق المزهرة الجميلة، بل ويتوجها القصر الذي يحمل نفس الاسم، وهو مبنى ضخم مشيد من الحجر والطوب التبن يهيمن على المدينة وعلى منطقة تادلة المروية بأكملها.
وغير بعيد من هنا كذلك، تقع مضيق تاغزيرت (20 كم شمال شرق بني ملال) حيث قرية تاغزيرت تعتبر نقطة الانطلاق لرحلة مشي رائعة أو ركوب البغال (تستغرق حوالي 5 ساعات) صعوداً إلى قرية تحمل نفس الاسم لتتم العودة إلى تاغزيرت عبر وادي درنة الجميل الذي تحتوي مضايقه المشجرة بأشجار البلوط الأخضر والتي تسكنها قردة زعطوط والتي تتوفر على العديد من الكهوف والملاجئ الصخرية التي لا يزال يستخدمها الرعاة خلال موسم الرعي.
ينفتح كهف الدببة في الجزء العلوي من وادي شكوندا على عمق 117 متراً في الجزء العلوي من وادي شكوندا ويمكن الوصول إليها إما بالسيارة لمسافة 5 كيلومترات عبر الطريق الجهوية 317 جنوب القصيبة، أو عن طريق المشي لمسافة 8 كيلومترات على طول مسار غابة جميلة حيث تُعد المناطق المشجرة المحيطة مثالية للتنزه الممتع.
من جهة أخرى، تقع تاغبالوت على بعد 2 كم شمال شرق القصيبة، وهي موقع جميل آخر يمكن استكشافه ولا يزال موقعاً شهيراً للمخيمين. إنه يوفر الهدوء والسكينة وتغييراً للمناظر الطبيعية والديناميكية التي يحتاجها أولئك الذين يحلمون بالعودة اللطيفة إلى الطبيعة. الموقع مجهز بحوض سباحة وملاعب رياضية، بالإضافة إلى محيط طبيعي هادئ ومريح، تزينه العديد من الجداول المائية والعديد من الأشجار المختلفة (أشجار البلوط الأخضر والعرعار والصنوبر وغيرها من الأصناف)، إلخ.
هناك سبب لاكتشاف مخازن الحبوب في منحدر أوجال (حوالي 90 كلم من بني ملال)، موقع “Tihouna” الفريد من نوعه في المغرب، يستمد أصالته من بيئة طبيعية مذهلة ورائعة. مما يدل على تعايش الإنسان مع الطبيعة، فهو كيان اجتماعي وثقافي حيث يندمج الإنسان مع البيئة المحيطة. تم بناء العشرات من المباني الصغيرة من الحجر الجاف والتبن على حافة في وسط الفراغ، ويوصل اليها مسارا طبيعيا حقيقيا معلقا في منتصف الجرف يمكن الوصول إليه بسهولة من هضبة مشجرة (بلوط اخضر) عبر أحد المسارات.
وفي قصبة تادلة (35 كلم من بني ملال) يمكن للزائر اكتشاف قصبة الإسماعيلية وهي الموقع الرئيسي لمدينة قصبة تادلة وكذلك الجسر.
أما على مستوى إقليم خنيفرة التابع لهذه الجهة الجميلة لبني ملال خنيفرة، فيمكن للسائح اكتشاف موقع منابع أم الربيع حيث توجد أكثر من 20 عينا ذات تدفق مرتفع للغاية (14 م3 / ثانية) في مناخ معتدل مع وجود شلالات وأكواخ مع أماكن مخصصة لاستقبال الزوار. وليس بعيدًا عن منابعها يمكنك زيارة بحيرة ويوان وبحيرة اكلمام ازكزة ومنابع اروكو “Arougou”؛ وأكلمام ميامي، هضبة أجدير الشاسعة التي تحيط بها غابات الأرز الجميل و يمكن الوصول إليها عن الطريق المعبدة، كما يمكن اكتشاف مضيق جعفر مع مضيق أحولي ميبلادين الذي يزوره السياح الأجانب والمحليون لاقتناء المعادن الثمينة.
وبنفس إقليم خنيفرة، يمكن زيارة منابع أنزار أوفوناس، هذه المنابع الناشئة عند سفح جبل المعسكر في جزئها الشرقي بمعدل تدفق 400 لتر/ثانية يمكن الوصول إليها عن الطريق المعبدة التي تربط بين تونفيت وترغست بجوار محمية الأيل. كما يمكنه استكشاف مضيق ومنابع تاتروت؛ بالإضافة إلى المواقع الجميلة لكل من أكلمام نيت إيشو، وأكلمام أبخان بوادي واد سرو، وجسر “الربتغالي” الذي بناه السلطان مولاي إسماعيل والذي كان يستخدم في الماضي للربط بين ضفتي نهر وادي أم الربيع لتسهيل مرور القوات العسكرية والقوافل التجارية.
في قلب مدينة خنيفرة كذلك؛ بإمكان الزائر زيارة قصبة أدخسال، هذه القلعة التي بناها السلطان المرابطي يوسف بن تاشفين، وقام السلطان العلوي مولاي إسماعيل بترميمها، بالإضافة إلى قصبة موحا أو حمو الزياني وقصبة ميامي التي يعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر، وهي قصر ذو تقليد معماري خالص لابن موحا أو حمو. كما يمكنه أن يكتشف في معقل زيان هذا، وهو إقليم خنيفرة، ضريح مولاي بوعزة؛ مقام الشريف الإدريسي محمد بن مبارك الذي تم ترميمه من قبل السلطان مولاي إسماعيل ومولاي رشيد وأخيرا مقام سيدي يحيى أو يوسف
المنطقة الثالثة التي تستحق الزيارة بجهة بني ملال خنيفرة هي إقليم خريبكة حيث يمكن للسائح زيارة محمية غزال بوعصيلة، هذه المحمية الطبيعية التي يتعايش فيها عدد معين من الأنواع الحيوانية، خاصة الغزلان، البحيرة الطبيعية التي تجذب محبي الصيد. الرياضات المائية وصيد الأسماك مثل سد بوبكرة، وسد زمرين ببني خلف؛ هذه البيئة المائية حيث تمارس الرياضات المائية وأنشطة صيد الأسماك، فضلا عن الصيد في محيط السد، بحيرة واد زم التي تبلغ مساحتها 400 متر مربع والتي ترسم جوانبها خريطة فرنسا. ليطلق عليها الفرنسيون لقب “باريس الصغيرة” ابان الاستعمار، منبع القيشو ببحيرته الطبيعية كمنطقة جذب وترفيه وكذلك غابة بوكردان وهي منطقة غابوية ذات مساحة كبيرة. تعد غابة الختوات، التي تعد بالنسبة لهواة السياحة البيئية والصيد، منطقة غابات كبيرة نسبيًا تسكنها نباتات متنوعة.
- النشاط السياحي بالأرقام
على صعيد النشاط السياحي، سجلت جهة بني ملال خنيفرة سنة 2023 حوالي 13373 وافدا قضوا ما يقارب 19455 ليلة بمؤسسات إيواء سياحية مصنفة بنسبة إشغال تتراوح بين 26% بإقليم بني ملال و07% بإقليم أزيلال.
وفي سياق متصل، شهدت جهة بني ملال خنيفرة، التي تضم 175 مؤسسة فندقية بإجمالي 2783 غرفة و6312 سريرا، سنة 2020، إنجاز مشروعين فندقيين جديدين خلال نفس السنة على التوالي في بني ملال وخريبكة بإجمالي 63 غرفة بطاقة استيعابية تبلغ 96 سريرا و بكلفة إجمالية قدرها 22,5 مليون درهم تضمن 36 منصب عمل مباشر.
تذكر أيضًا أنه بالفعل في عام 2020؛ جهة بني ملال خنيفرة حسب المندوبية الجهوية لوزارة السياحة ببني ملال آنذاك؛ وتمتلك الشركة حوالي 34 مشروعا سياحيا في طور الإنجاز بمختلف ولايات الجهة منها 13 مشروعا ببني ملال و10 بخنيفرة و05 بأزيلال و04 بخريبكة و02 وحدة بالفقيه بن صالح. في الواقع، كان هناك 15 فندقًا و7 بيوت ضيافة و4 نزل و2 موتيل ومجمع سياحي وفندق نادي ومقر سياحي. وتشتمل جميع هذه المشاريع، التي يجري تنفيذها حاليا، والتي تقدر كلفتها الاستثمارية الإجمالية بـ 323 مليون درهم، على 705 غرف بسعة 1486 سريرا وستوفر 621 منصب عمل مباشر.