الألباب المغربية/ أحمد زعيم
تستعد الجماعة الترابية لكريفات بإقليم الفقيه بن صالح لعقد جلستها الثانية للدورة العادية لشهر أكتوبر 2025، لدراسة والتصويت على اتفاقية شراكة تهدف إلى إحداث مركب رياضي أولمبي ومنشآت سوسيو تربوية بأولاد عبدون.
تتميز الجماعة بتنوعها الجغرافي، إذ تتكون من مجموعة من الدواوير والقرى المتفرقة، ما يطرح تحديا حول مدى استفادة جميع السكان من المشاريع الكبرى.
في الوقت الذي تتجه فيه الجماعة نحو إنشاء مرافق رياضية أولمبية باهظة التكلفة، يظل التسريع بربط شبكة الصرف الصحي والماء والكهرباء، تبليط الطرقات، وإنشاء مراكز إستشفائية في الدواوير مطلبا عاجلا وملحا للساكنة. السؤال المطروح هنا: هل تبدأ التنمية من المدرسة أم من الملعب؟.
الواقع يضع المسؤولين أمام تساؤلات حقيقية، فـقاعة التعليم الأولي بدوار لقياس تعمل للعام الدراسي الثاني على التوالي دون ماء ولا كهرباء، رغم أنها مخصصة للأطفال الذين يفترض أن تتوفر لهم ظروف تعليمية وصحية مناسبة. هذا التناقض بين مشاريع ضخمة تحمل رمزية التنمية، ومرافق أساسية بسيطة غير مجهزة، يبرز التحدي الحقيقي أمام التخطيط التنموي المحلي.
لا أحد يشكك في أهمية الرياضة ودورها التربوي والإجتماعي، لكن المدرسة، وبالأخص التعليم الأولي، تظل حجر الأساس لأي تنمية مستدامة، فهي اللبنة الأولى في بناء المواطن، وحفظ كرامة الأطفال، وترسيخ ثقافة التعليم وتحقيق العدالة المجالية والإجتماعية دون انتقائية.
ومن هذا المنطلق، يصبح من الضروري أن ترافق المشاريع الكبرى إجراءات ملموسة لتحسين جودة الحياة اليومية، بما في ذلك: إنشاء سياجات آمنة حول المدارس، ملاعب قريبة للدواوير، حدائق للأطفال وأولياء أمورهم، مراكز إستشفائية، إدارات عمومية مجهزة، وربط جميع الدواوير بالخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وصرف صحي، إلى جانب تبليط الطرقات لضمان وصول الجميع إلى المرافق بشكل آمن ومريح.
ولضمان توازن حقيقي بين الرمزية والتأثير الفعلي، يجب على الجهات المسؤولة إعطاء أولوية عاجلة لتجهيز مدارس التعليم الأولي بالأساسيات الضرورية، وضمان مرافق تعليمية وترفيهية وصحية متكاملة، قبل المضي قدما في المشاريع الكبرى، بما يحقق أثرا ملموسا على الأجيال الصاعدة ويلبي الإحتياجات الحقيقية للساكنة.
التنمية لا تُقاس بحجم المشاريع أو أسمائها، بل بمدى إنعكاسها الفعلي على حياة المواطنين. وبين طموح بناء مركب رياضي أولمبي وواقع قاعة تعليم أولي بلا ماء ولا كهرباء، تبقى جماعة كريفات أمام امتحان حقيقي لترتيب الأولويات، وإثبات أن التنمية تبدأ من المدرسة قبل أن تصل إلى الملعب.