الألباب المغربية – مصطفى طه
عرفت الساحة السياسية المغربية في الفترة الأخيرة، توقيف عدد من الشخصيات العمومية، بينهم برلمانيون، ومنتخبون، ومسؤولين على مؤسسات وطنية، في قضايا فساد مالي، واتجار في المخدرات، ولقيت هذه المتابعات القضائية استحسانا لدى الرأي العام، كونها ستسهم في تطهير المؤسسات من الفاسدين، هذا من جهة.
من جهة أخرى، أنه من بين القضايا التي تفجرت إعلاميا في الأيام القليلة الماضية، “فضيحة تمويل إدريس فرحان المطلوب للقضاء المغربي في جرائم المس بسلامة الدولة الداخلية والخارجية وإهانة المؤسسات الدستورية والتشهير”.
وفي هذا الصدد، أمر وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، بتعميق البحث من قبل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، مع كل من عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، في القضية التي يتابع فيها أشخاص آخرون على خلفية الاشتباه في تورطهم بتمويل موقع معادي للمملكة يبث من إيطاليا.
وارتباطا بالموضوع، جرى يوم الثلاثاء الماضي، التحقيق مع كل من عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية إلى جانب سعيد الفكاك، عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، وعبد اللطيف أوزين، الرئيس السابق لمؤسسة الحسن الثاني للنهوض بالأعمال الاجتماعية لموظفي قطاع الصحة، في حالة سراح، وإبراهيم المخلوفي وهو سائق بالمؤسسة نفسها، في حالة اعتقال، بخصوص تهم تتعلق بـ “تقديم المساعدة والأموال” إلى ادريس فرحان، صاحب موقع إخباري بإيطاليا، والمتابع في قضايا تتعلق بـ “التشهير والإخلال، بالنظام العام، والوشاية الكاذبة، وإهانة هيئات منظمة بقوانين، والنصب والتشهير”.
وقادت التحريات إلى التوصل إلى الخطة التي كان يتم بها تزويد المدعو إدريس فرحان في ايطاليا بالتمويلات المالية، حيث لعب سائقا المشتبه بهما معا دورا مهما فيها، واقتدت الخطة أن يسلم سائق بوصوف لسائق سعيد الفكاك، الذي يسلمها للمدعو إدريس فرحان في ايطاليا، وهي الخطة التي تقول مصادر “الألباب المغربية”، تطرح العديد من التساؤلات بوسيلتها الالتوائية، بخصوص المعرفة القبلية للجهتين المرسلتين للتمويل، بالشكل الغير الشرعي والغير الأخلاقي لهذه التمويلات.
وأفادت مصادر مطلعة، أن المحققين حجزوا لدى السائق المكلف بتحويل الأموال أظرفة تحمل خاتم مجلس الجالية، يشتبه في كونها هي المستعملة في تسليم المبالغ المالية، وهو ما فتح مسارات جديدة في البحث حول مصدر وطبيعة الأموال التي استفاد منها الشخص المطلوب للقضاء المغربي.
وحسب المصادر عينها، فقد قررت النيابة العامة المشرفة على البحث في هذا الملف إخضاع العديد من الدعامات الإلكترونية للأشخاص المتابعين في هذه القضية لخبرات تقنية ورقمية، بالإضافة إلى التحقق من جميع تحويلات “الدعم المالي” الذي قد يكون استفاد منه الشخص المتابع قضائيا بالمغرب وخارجه، والهارب بإيطاليا بطريقة غير قانونية.
ويأتي هذا، في الوقت الذي أمر فيه وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، باغلاق الحدود في وجه كل من عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، وسعيد الفكاك، القيادي في حزب التقدم والاشتراكية، وذلك منذ مباشرة الأبحاث معهما من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بعد الاشتباه في تورطهما في تمويل الخائن وعميل المخابرات الجزائرية المدعو إدريس فرحان
وموازاة مع مجريات التحقيق، سارع عبد الله بوصوف يوم الأربعاء المنصرم إلى نفي الاتهامات الموجهة له بالتورط في التآمر على المؤسسات الوطنية، وتمويل أحد المتهمين بالمس بالمقدسات الوطنية.
حري بالذكر، أن الفقه الجنائي يرى أن الضمانات والحقوق الإجرائية التي يتمتع بها المتهم ترجع في أصلها إلى “قرينة البراءة”، هذا المبدأ الهام الذي يعتبر كل شخص متهم أو مشتبه فيه بارتكاب جريمة، بريئا إلى أن تثبت إدانته بمحاكمة علنية تؤمن له فيها ضمانات الدفاع.