الألباب المغربية
(*) مصطفى طه
إن بناء المجتمعات الجيدة يقتضي تثبيت ثقافة الاعتراف للأفراد، بل نحن واجدون في التاريخ الثّقافي المغربي صورا مشرفة للاعتراف.
وفي سياق متصل، نسمع ومن خلال الوسائل المتنوعة للحقل الإعلامي والتي تناولت ثقافات الكثير من المجتمعات حول العالم، ومنها ثقافة الاعتراف والتي نجدها متجذرة في سلوك مواطنيها باعتبارها جزء لا يتجزأ من شخصية وهوية الإنسان الفرد، وفي هذا السياق نجد الأديان السماوية والعلوم السلوكية، ترى بأن هذا الاعتراف يحمل مبادئ أخلاقية حقيقية، ورقي فكري وسلوكي، للمحافظة على منظومة العطاء وإفساح المجال لمن يستحق، فإن ثقافة الاعتراف بما تشمله من معاني قيمية تعتبر ميزة أخلاقية وثقافة حضارية.
وارتباطا بالموضوع، لا أقصد من مقالتي هاته، أن ألمع صورة شخص، أو أستحضر خصاله، أو أعدد مزاياه، ولكن الهدف هو نشر ثقافة الاعتراف، بحيث أن هناك شخصيات تستحق التشجيع والثناء على ما تقدمه من نبل وعطاء، دون أن تنتظر الشكر أو الجزاء من أحد.
في هذا النطاق نود الحديث عن شخصية “إبراهيم بايا”، والتي هي أصلا في غنى عن الحديث، لما اقترن به هذا الاسم من قوة الفعل والتأثير على أرض الواقع، وروح المبادرة في الإصلاح والتواصل.
إبراهيم بايا، أحد رجال الأعمال العصاميين، من عائلة قروية متواضعة من جماعة تلوات التابعة إداريا لإقليم ورزازات، ينتمي إلى إحدى الأسر البسيطة، باللهجة العامية المغربية “ولد الشعب”.. حفر بذلك مساره من الصفر إلى المجد، فقد بدأ طريقه بسيطا، وعمل بجد وبدون كلل إلى أن أصبح رجل أعمال ذو جاه وصيت.. استقر بمنطقة إغرم نوكدال القريبة من الجماعة المذكورة، رغم ما وصل إليه دون أن يفكر في الهجرة مثل ما يفعل الكثيرون، هذا من جهة.
من جهة أخرى، عمل بايا الشاب الطموح، كأي شاب يبحث عن تفعيل ذاته ومستقبله قصد لقمة العيش، عمل بكل جد وتفان في عدة مجالات، بعد انقضاء عدة أعوام أصبح المعني بالأمر من الفاعلين الاقتصاديين الكبار، وذلك من خلال قطاع الاستثمار، والإنتاج، والأعمال، وبفضل تجربته وذكائه استطاع أن يكون مستثمرا ورجل أعمال ناجح. استثمر في العقار والبناء، والطاقة (بيع المحروقات)، والسياحة، والمناجم، واستطاع أن يكسب سمعة طيبة بفضل جودة منشآته، وقوة مشاريعه، وصارت شركته تظفر بالعديد من الصفقات الضخمة في البناء والتشييد، فهو رجل أعمال اشتهر بنجاحه الكبير في مجال الأعمال، فالذين عايشوا الرجل عرفوا فيه الإصرار والعزيمة والطموح الملفت والصبر الباهر. فالحياة ليس كما يراها البعض من غير صعاب أو عراقيل، بل هي مكابدة واشتغال وكد، وصبر ومصابرة وجد، وخير مثال “إبراهيم بايا”.
صلة بالموضوع، بايا الإنسان الفاعل الاجتماعي والعطوف، بحيث يقدم خدمات خيرية وانسانية جمة على مستوى إقليم ورزازات عامة، وتلوات وإغرم نوكدال خاصة، وذلك من خلال قيامه في الخفاء بالعديد من الخطوات الإحسانية، بالإضافة الكثير من الأنشطة الثقافية والاقتصادية، من ماله الخاص ومساهمة بعض رفقائه.
إبراهيم بايا، ليس ذلك الشخص الذي يعدك دون أن يفي بوعده، فإذا صادفته في مكان ما يترك فيك أثرا طيباً.. والذين يتعاملون معه عن قرب يعرفون أنه ينفق في السر، أكثر مما ينفق في العلن، إنسان قوي ومتواضع، ما ميز الرجل عن غيره هو أنه لم يتنكر لأصله أو بلدته، في الوقت الذي يواصل فيه الكثيرون من رجال الأعمال بناء ثرواتهم بعيدا عن هموم الساكنة والمواطنين. إلا أن “بايا” كان ولا زال واحدا من القلائل الذين تحملوا العبء ماديا وإنسانيا، إن الكاريزما التي يتمتع بها جاءت بناء على شخصيته القوية والتزامه العملي استنادا على خلفيته في إدارة المال والأعمال.. فالمبدأ الذي اتبعه كان ناجعا، مجسدا للشعار: “كثير العمل .. قليل الكلام”، فالعبرة بالعمل لا بكثرة الوعود والكلام، علما أن طبعه الهادئ جعله يرى الأمور بعين ثاقبة، يحدد وفقها مواقفه وقراراته الحاسمة، بحيث استطاع بتواجده في قلب الأحداث وسط مشاكل الساكنة، ووقائع خاصة، أن يفرض نفسه داخل الأوساط الاجتماعية.
علما من أعلام الخير، يخدم من حوله بكل طاقاته وإمكاناته، جعلته ظاهرة فريدة ، سنوات من الكفاح والاجتهاد والعمل ظل خلالها سندا وعونا للبسطاء، يشق الصخر في سبيل خدمتهم والنهوض بهم وحياتهم، فقد نذر حياته لإسعاد أهله من بنى بلدته الذين ارتبط بهم ويعيش معهم بعقله وقلبه ووجدانه، والنهوض بوطنه الذي كان بالنسبة له الانتماء والوفاء والتضحية والفداء، إنه النموذج المثالي الذي يجب الاقتداء به عند ساكنة قرية إغرم نوكدال، رجل الأعمال إبراهيم بايا، نجح بذكائه وعقليته التجارية الفذة، وجهوده وبصماته الرائعة في العمل الخيري والتطوعي التي لازالت وستزال شامخة وراسخة، أن يجعل من “إغرم نوكدال” إحدى القرى التابعة ترابيا لإقليم ورزازات، منطقة نموذجية هزمت الفقر، والبطالة، واستطاعت أن تحقق الاكتفاء الذاتي اجتماعيا وثقافيا واقتصاديا بالمشاريع التنموية والجهود الذاتية، دون أن يبحث عن جاه أو مال أو سلطة.
يعيش بايا في حب الخير والعطاء للناس والوطن، يبني ويعمر ويزرع بذور الخير بعيدا عن أضواء الشهرة، إيمانا منه “أن فى قضاء حوائج الناس لذة لا يعرفها إلا من جربها”، ضاربا بذلك نموذجا مشرفا وحضاريا للعمل الإنساني والخيري، وخير قدوة لكل طامح في النجاح.
وفي هذا الصدد، ستظل تجربة رجل الأعمال إبراهيم بايا الذي بنى ثروته من عرق الجبين، راسخة في قلوب ووجدان الورزازيين عامة، منطقتي تلوات وإغرم نوكدال خاصة، لما ترجمه على أرض الواقع من مشاريع تنموية هائلة، نجحت في أن تحقق طفرة اقتصادية بمسقط رأسه، ومختلف المناطق التي خطت قدماه فيها، فهو فاعل اقتصادي واجتماعي عصامي، بدأ حياته من الصفر بمشروع صغير، وبعد رحلة كفاح ومثابرة كان عنوانها “عمل الخير لله وللناس والوطن”، أصبح واحدا من كبار رجال التجارة والاقتصاد والاجتماعي على المستوى الوطني، ينعم بحب وتقدير الناس.
وقد صرح أحد أفراد ساكنة الجماعة الترابية إغرم نوكدال، لجريدة الألباب المغربية، قائلا، أنه: “رجل ولا كل الرجال”.. بهذه الكلمات وصف إبراهيم بايا، مؤكدا في نفس الوقت، أن: “الرجل قدم الكثير لأهله وبلده”.
وأضاف المصدر ذاته، متحدثا، أن: “بايا أتاح بمشاريعه فرص عمل لجميع أبناء القرية، ومن بعد مشاريعه تغيرت حياة الناس في القرية بما أتاحه من فرص عمل لجميع أبنائها وأهلها”.
خلاصة مقالتي هاته، أنه قديما قالوا: “كن عصاميا ولا تكن عِظاميًّا”، أي افخر بنفسك واعتمد عليها في بناء صُروح المجد ولا يغُرَنَّك أمجاد آبائك وأجدادك، ولا تتَّكِل على ما تركوه لك من عزٍّ مؤثّل وفخر جلي، فهو كالثّوب المستعار، لا يقيك من حر ولا قر. فهناك فرقٌ كبير بين العصامي الذي يبني نفسه بنفْسِه، والعظامي الذي يفتخر بعظام آبائه وأجداده والتي ربما تكون قد نخرت، فضلا عن القيام بأعمال الإحسان البسيطة، أو إيثار الغير على النفس والسعي طواعية إلى تقديم المساعدة للآخرين، والمساندة للمجتمع دون انتظار مقابل، يؤثر إيجابيا على الوطن، ويؤثر بشكل ناجح في نشر السعادة والسرور داخله.
(*) سكرتير التحرير