الألباب المغربية/ محمد أمين الربي
يعد تعرض الغير الخارج عن الخصومة من الوسائل القانونية الاستثنائية التي أتاحها المشرع للأشخاص الذين تضرروا من حكم قضائي صدر دون أن يكونوا أطرافا في الدعوى أو ممثلين فيها، وتكمن أهمية هذا الطريق في تمكين المتضرر من تقديم طعنه أمام المحكمة التي أصدرت الحكم ذاته، وليس أمام جهة قضائية أخرى، مع مراعاة القواعد والإجراءات التي تسري على الدعاوى الأصلية.
وقد استقر الاجتهاد القضائي على أن تقديم هذا النوع من الطعون يجب أن يتم حصرا أمام الجهة التي أصدرت الحكم المتعرض عليه، وفي هذا الإطار، أكدت محكمة النقض في أحد قراراتها أن قبول محكمة الاستئناف لتعرض الغير الخارج عن الخصومة ضد حكم ابتدائي يشكل خرقا صريحا للقانون، ويعرض قرارها للنقض، باعتبار أن المشرع من خلال المقارنة بين الفصلين 303 و308 من قانون المسطرة المدنية، حدد بوضوح المحكمة المختصة للنظر في هذا التعرض.
من جهة أخرى، يرى بعض الفقه أن هذا التعرض لا يعد طعنا بالمعنى التقليدي، لأنه ليس امتدادا للخصومة القائمة، بل وسيلة حماية استثنائية لشخص لم تتح له فرصة الدفاع عن مصالحه أمام المحكمة و ألحقه ضرر من الحكم الصادر بين شخصين، وبالتالي فإن هذا المسار لا يندرج ضمن طرق الطعن المعروفة، التي يشترط فيها أن يكون الطاعن طرفا أصليا في النزاع.
ورغم ذلك، فإننا نرجح اعتبار تعرض الغير الخارج عن الخصومة طعنا غير عادي، لأنه يمنح الحق في مراجعة حكم صدر دون حضور الشخص المعني المتضرر منه أو من ينوب عنه، وفق شروط قانونية صارمة، غير أنه لا يمكن استعمال هذا الطريق من طرف من سبق له أن كان طرفا في الدعوى، واستدعي وفقا ما هو متعامل به، حتى وإن تم رفض استئنافه شكلا، وفي هذا السياق، فإن الحكم بعدم قبول الاستئناف لا يعني بالضرورة أحقية الطاعن في سلوك طريق التعرض الخارج عن الخصومة، إذا كان قد سبق استدعاؤه بصفة قانونية.
وتأسيسا على هذا التوجه، قضت محكمة النقض بعدم أحقية من ثبت أنه كان طرفا في النزاع الأصلي في تقديم طعن بتعرض الغير الخارج عن الخصومة، مؤكدة أن العبرة في ذلك بما يثبته الحكم الابتدائي وأوراق الملف من كون المتعرض قد استدعي قانونا، مما يسقط عنه شرط الأهلية للجوء إلى هذه الآلية الاستثنائية، المنصوص عليها حصرا في الفصل 303 من قانون المسطرة المدنية.
وفي نفس السياق و على سبيل المثال، لنفترض أن نزاعا عقاريا نشب بين شخصين: المالك الأصلي لعقار (المدعي) ومستأجر قديم يدعي أحقية البقاء في العقار (المدعى عليه). جرت أطوار الدعوى أمام المحكمة الابتدائية، وصدر حكم ابتدائي قضى بإفراغ المستأجر وتسليم العقار إلى المالك.
في هذه الأثناء، كان هناك شخص ثالث لم يتم استدعائه في القضية، وهو وريث مشترك في العقار لم يتم إدخاله في الخصومة، رغم أن له مصلحة مباشرة في النزاع العقاري، هذا الشخص فوجئ بالحكم الصادر عن المحكمة المختصة، خاصة أنه لم يتم إبلاغه به ولم يمثل أمام المحكمة، بل لم يكن على علم بوجود النزاع أصلا.
في هذا الشق القانون يمنح لهذا الشخص الحق في تقديم طعن عن طريق تعرض الغير الخارج عن الخصومة أمام المحكمة الابتدائية نفسها التي أصدرت الحكم، ملتمسا إعادة النظر في القضية على اعتبار أن الحكم مس مصالحه ولم يستدع للدفاع عنها.