الألباب المغربية
يعيش الوداد الرياضي واحدة من أكثر فتراته حركية وإثارة منذ سنوات. النادي الأحمر، الذي اعتاد كتابة التاريخ في المستطيلات الخضراء، اختار هذه المرة أن يبدأ من الداخل: هيكلة جديدة، رؤية طموحة، وأسماء وازنة تعيد رسم ملامح مشروع رياضي وإداري حديث.

منذ مطلع السنة، انطلقت ثورة هادئة في أروقة القلعة الحمراء، كان عنوانها الواضح: “وداد المستقبل”. حين أعلنت إدارة الوداد عن تعيين عادل هرماش مستشارًا رياضيًا، أدرك الجميع أن النادي قرر المضي نحو الاحتراف الحقيقي… هرماش، ابن الدار الذي خبر ميادين أوروبا ولبس قميص المنتخب الوطني، يأتي بخبرة واسعة ورؤية احترافية، ليربط بين أصالة الوداد وطموح الجيل الجديد. تواجده في محيط القرار التقني يُعد رسالة قوية بأن زمن الارتجال انتهى، وأن التخطيط العلمي أصبح هو البوصلة الجديدة داخل النادي. لم يعد التواصل مجرد بيانات وتصريحات عابرة، بل صار جزءًا من هوية الأندية الكبرى.
وفي هذا السياق، يسير الوداد بخطى ثابتة نحو إطلاق قناته الرسمية “Wydad TV”، التي ينتظرها الجمهور الودادي بشغف كبير. القناة لن تكون مجرد نافذة إخبارية، بل منصة تفاعلية تنقل نبض الكواليس، وتوثّق لحظات المجد، وتُعطي الكلمة للمشجعين من قلب المدرجات. هي خطوة تعكس وعي الإدارة بأهمية الإعلام في عصر الاحتراف الرياضي، وتُعيد بناء الجسر بين النادي وجماهيره عبر لغة الصورة والانتماء.
أما الحدث الذي خطف الأضواء محليًا ودوليًا، فهو بلا شك انضمام النجم حكيم زياش إلى صفوف الوداد الرياضي. صفقة من العيار الثقيل، تجاوزت كل التوقعات، وفتحت الباب أمام أحلام جديدة للكرة المغربية. زياش، القادم من أضواء أوروبا وسحرها، يجلب معه خبرة عالمية وإشعاعًا إعلاميًا لا مثيل له.
وجوده في القلعة الحمراء ليس مجرد إضافة فنية، بل هو استثمار في الصورة والهوية والتاريخ. الكل يتحدث الآن عن “زياش الوداد”، ذلك المزيج من الموهبة والأناقة، الذي قد يغير وجه المنافسة في إفريقيا. وعلى المستطيل الأخضر، كانت الانطلاقة القارية رسالة واضحة: الوداد لا يخطط فقط للمستقبل، بل يعيش لحظاته بثقة الأبطال.
في مباراة ما قبل دور المجموعات من كأس الاتحاد الإفريقي، استعرض الفريق الأحمر عضلاته أمام الفريق الغاني أشانتي كوتوكو. حيث كان الشوط الأول عرضًا من الجمال الكروي: هيمنة كاملة، ضغط عالٍ، وأهداف بتوقيع حمزة الهنوري وستيفان عزيز كاي. الجماهير تنفست فخرًا وهي ترى فريقها ينسج الهجمات بانسيابية، ويستعيد روح الوداد المرعبة التي عهدها الجميع. ورغم هدف التقليص الذي جاء بعد لحظة غفلة دفاعية من ركنية، ظل الأداء مطمئنًا، يُبشر بأن هناك فريقًا يُبنى بعناية ليحكم القارة من جديد.
وبكل تألق، وبأداء يعكس شخصية البطل، واصل فريق الوداد الرياضي عزفه الكروي الجميل، إذ أمطر شباك فريق أشانتي كوطوكو الغاني بثلاث إصابات أخرى في شوط ثانٍ مثالي، ليرفع النتيجة النهائية إلى خمسة أهداف مقابل هدف واحد، في لقاء أكد من خلاله “الأحمر” جاهزيته التامة للعودة بقوة إلى الواجهة الإفريقية.
وبهذا الانتصار الكبير، ضرب الوداد موعداً مع دور المجموعات من دوري أبطال إفريقيا، في انتظار القرعة المرتقبة بداية الأسبوع القادم، والتي تترقبها الجماهير الودادية بشغف لمعرفة هوية المنافسين في رحلة البحث عن المجد الإفريقي من جديد. فالوداد لا يعود فقط… بل يُبعث من جديد، أقوى، أذكى، وأقرب إلى المجد من أي وقت مضى.