الألباب المغربية/أحمد زعيم
طالبت جمعية حماية المال العام بمحاكمة القيادات الحزبية المتورطة في اختلاس الأموال العمومية ورفض ارجاعها لخزينة الدولة والتي بلعت لسانها واختارت الصمت، حتى تمر العاصمة وينسى المغاربة كعادتهم كما نسوا فضائح أخرى..، وفي نفس الوقت ناشدت الجمعية النيابة العامة بتحريك البحث القضائي ضد بعض القيادات الحزبية الريعية والغارقة في وحل الفساد والنهب كما جاء في تدوينة محمد الغلوسي رئيس جمعية حماية المال العام.
هذا وقد سئم مجموعة من الفعاليات الجمعوية والحقوقية من هذه الحملات الإنتخابية التي تخرج في كل مناسبة لإستغلال الطبقات المسحوقة بغية تلميع صورة الأحزاب والمرشحين وإقناع الناخبين للتصويت بتقديم الوعود الكاذبة وادعاءهم امتلاك العصا السحرية لإنقاذ البلاد والعباد وإيجاد الحلول لكل المشاكل لإستقطاب بعض الفئات الأقل تكوينا ومعرفة بمعنى الإنتخابات للتصويت لصالحهم، ويسلكون في ذلك شتى أنواع النصب والإحتيال للوصول لمبتغاهم، هناك من يستدرج الناخبين عن طريق توزيع القفة الرمضانية، وهناك من يلتجأ للولائم، وبعد ذلك إحراج المدعوين أثناء الأكل والشرب لأداء القسم وقراءة الفاتحة على التصويت لصالحهم، وهذا النوع من الناخبين يسمونه المغاربة بأصحاب (المرقة) أو أصحاب (الكلمة) وفئة أخرى تستغل المساجد والجوامع وإقحام الدين في السياسة لإستمالة الناخبين، وهناك أحزاب ومرشحين يسلكون نهجا مغايرا لاستقطاب الأصوات وهو شبكات التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإلكترونية والقنوات…. فتصبح هذه المنابر الملاذ الأوفر حظا في التأثير والإستقطاب والتضليل من أجل الاسترزاق، ناهيك عن القنوات، ومواقع التواصل الإجتماعي التي لا تبالي بمشاكل االمواطنين ومعاناتهم محاولة إبعاد المواطنين عن الحياة السياسية، وبالتالي إغراقهم بتغطيات الحب والغرام وخصومات الأخِلاء والخليلات والمخطوبين، والحوادث التفاهات المثيرة للشباب…. لحصد الأرقام القياسية في المشاهدة، في حين الإعلام الحر المحايد الذي يواكب قضايا المواطنين ومعاناتهم وإيصال أصواتهم فهو يموت ويختفي يوما بعد يوم لقلة موارده ومداخيله.
في البلدان التي تتوق شعوبها للحرية والديمقراطية يفوز مرشحوها في الانتخابات دون تمويل أو دعاية أو إستعمال أموال فاسدة لشراء الذمم.
وفي هذا الصدد قال الميلودي الرايف، الحقوقي والمستشار السابق في المعارضة بجماعة الفقيه بن صالح: “الصحافة الورقية خاصة المستقلة سواء اليومية أو الأسبوعية تتناول بإسهاب كبير ما وصل إليه المشهد الحزبي الذي عفنه ولوثه سماسرة الانتخابات.. هذه الكائنات التي تظهر وتخفتي: تظهر خلال الحملة الانتخابية بكل تواضع وعفة والنزول إلى عيش الفقراء وهم يتصيدون الفرص للانقضاض على الكراسي بدءا من الجماعات الترابية المحلية والإقليمية والجهوية.. ثم إلى البرلمان ياحسرتاه بغرفتيه: مجلس النواب ومجلس المستشارين الذي يعرف سوق النخاسة… هذا المشهد الحزبي الذي ابتعد عن التأطير والتكوين كما هو منصوص عليه في الدساتير كلها التي عرفها المغرب منذ من1963 إلى دستور فاتح يوليوز2011 الذي جاء نتيجة الحراك الشعبي وحركة 20 فبراير التي استفاد منها بعض الأحزاب الوصولية الانتهازية…. بالرجوع إلى فضائح الجرائم المالية والمتاجرة في المناصب واستغلال النفوذ.. والسطو على مشاريع وصفقات خصصت لها الملايير من فلوس الشعب تم إقبارها… بل هناك من البرلمانيين ورؤساء جماعات ترابية استحوذوا حتى على الأراضي السلالية…. المحاكم اليوم تعرف حركة غير اعتيادية وهي تنفض الغبار على ملفات وملفات جد ثقيلة، ولكن الأمر والأخطر من ذلك هو أن المجلس الأعلى للحسابات كشف العديد من الخروقات أبطالها مسؤولين حزبين تاجروا بالمال العام المدعم من طرف الشعب دون الإدلاء بكيفية صرف هذه الأموال. هل سيتم محاسبة الزعماء الكارطونيين الذين يستعرضون عضلاتهم عبر شاشة التلفزة وفي البرامج الإعلامية ؟ المدخل الحقيقي لتخليق الحياة السياسية وإعادة الاعتبار لها هو تنقية الأحزاب من السماسرة والشناقة الذين حولوا التنظيمات الحزبية إلى مرتع الفساد؟”.