الألباب المغربية/ أحمد زعيم
افتتحت مدينة الفقيه بن صالح قبل أشهر أول فضاء تجاري للقرب، في مبادرة طال انتظارها من طرف الساكنة، بعد سنوات من الفوضى التي كانت تطبع السوق اليومي السابق المعروف بـ”الجوطية”. وقد شكل المشروع بادرة نحو تنظيم التجارة، وتحسين ظروف عرض المواد الغذائية، خاصة اللحوم والأسماك، التي أصبحت تعرض في بيئة أنظف بفضل توفر الماء والكهرباء، رغم أن المشروع لم ينجز بعد بشكل كامل كما كان مخططا في التصميم الأصلي.
ورغم هذا التحول النسبي، لا يزال المشهد العام في المدينة يئن تحت وطأة فوضى انتشار الباعة الجائلين، خصوصاً بائعي الخضر والفواكه الذين غزوا الشوارع والأزقة والساحات، مستخدمين العربات المدفوعة، دون أدنى احترام للملك العمومي أو لحق المواطنين في المرور الآمن.
الأدهى من ذلك، هو تحول الأرصفة في عدد من الأحياء إلى فضاءات خاصة تستغل كحدائق، مطابخ، أو حتى “حمامات”، فضلا عن عرض السلع والمنتجات أمام المحلات التجارية بطريقة تبتلع الرصيف وتضيق الخناق على المارة، خاصة الأطفال والمسنين، الذين باتوا مجبرين على المغامرة بحياتهم لعبور الشوارع وسط غياب شبه تام للممرات الآمنة.
ورغم سنوات الإنتظار الطويلة، لم ينجح الفضاء التجاري الجديد في امتصاص مظاهر العشوائية. بل يصفه عدد من التجار المستفيدين منه بأنه مشروع فاشل إلى حدود الساعة، مرجعين ذلك إلى ضعف الإقبال والرواج، وارتفاع السومة الكرائية، وهو ما دفع المجلس الجماعي إلى إعادة النظر فيها خلال دورة ماي الأخيرة. كما اشتكوا من صغر مساحة المحلات وبعد موقع الفضاء عن الكثافة السكانية، مما حد من توافد الزبناء.
وقد زاد من تفاقم الوضع، الإنتشار غير المنظم لمحلات بيع الخضر والفواكه في مناطق متفرقة من المدينة، بشكل يخلق منافسة غير متوازنة ويقوض أهداف المشروع الأصلي.

هذا الوضع المقلق يفتح الباب أمام تساؤلات جوهرية حول دور المجلس الجماعي ومدى قدرته على تدبير هذا الملف بفعالية، وإيجاد حلول واقعية للحد من ظاهرة البيع العشوائي واحتلال الملك العمومي. كما يطرح التساؤل حول دور الشرطة الإدارية، ومدى تنسيقها مع السلطات المحلية والإقليمية لمواجهة هذه الظواهر التي تفرغ الفضاءات المهيكلة من مضمونها.
ويحذر عدد من متتبعي الشأن المحلي من أن تتحول هذه الفوضى إلى عامل إفشال لمشروع استنزف ملايين الدراهم من المال العام، إذا لم تتدخل الجهات المسؤولة برؤية واضحة وشجاعة سياسية تعيد الإعتبار للفضاء العام، وتضمن للمواطن حقه في مدينة منظمة، تحترم كرامته وحقه في العيش والتنقل بأمان.