الألباب المغربية/ كمال السعيد
اقترح الفريق الحركي بمجلس المستشارين، قانونا يتعلق بإحداث وكالة تثمين وحماية التراث المادي، تكريسا لغنى وتعدد مجال التراث المادي وغير المادي والتنوع الثقافي الذي يكشف العمق التاريخي والحضاري للمغرب.
وأوضح الفريق الحركي، في المذكرة التقديمية لمقترح القانون، أن إحداث هذه الوكالة يأتي وعيا بالتهديدات التي يتعرض لها التراث الوطني بخصوصياته الثقافية والعمرانية وأبعاده الرمزية وبخصوصياته المجالية، مبرزا أن الوكالة ستشكل فضاء لتضافر جهود مختلف القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية ومختلف الفاعلين المعنيين بغية تنزيل برامج عملية لحماية هذا الرصيد الوطني وتنزيل السياسات العمومية ذات الصلة.
وأشار الفريق الحركي، إلى أن المقترح يأتي أيضا استنادا لأحكام الدستور الذي أسس لنموذج هوياتي جديد مبني على التنوع اللغوي والثقافي ولتنوع وتعدد المقومات الحضارية والتاريخية للشخصية المغربية، واستنادا المضامين القانون رقم 22.80 المتعلق بالمحافظة على المباني التاريخية والمناظر والكتابات المنقوشة والتحف الفنية كما تم تغييره وتتميه، حيث ينص مقترح القانون على مؤسسة عامة تسمى “وكالة تثمين وتحصين وحماية التراث المادي واللامادي المغربي”، تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، ويشمل نطاق اختصاصها حماية التراث الثقافي المادي واللامادي بجميع جهات المملكة المغربية.
وأضاف الفريق الحركي، أن الوكالة يجب أن تخضع لوصاية الدولة، ويكون الغرض من هذه الوصاية ضمان تقيد أجهزتها المختصة بأحكام القانون، ولاسيما فيما يتعلق بالمهام المسندة إليها والسهر بوجه عام فيما يخصها على تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بها.
وتابع الفريق الحركي في مقترح القانون، أن الوكالة تخضع أيضا لمراقبة الدولة المالية المفروضة على المؤسسات العامة بمقتضى النصوص التشريعية الجاري بها العمل، حيث يحدد بنص تنظيمي نطاق اختصاصها ومقرها وكذا التاريخ الذي تدخل فيه أحكام القانون حيز التنفيذ فيما يخص كل وكالة محدثة عبر كل جهات المملكة، كما يحدد مقترح القانون نطاق اختصاصات الوكالة في القيام بالدراسات اللازمة لإعداد المخططات التوجيهية المتعلقة بتثمين التراث الثقافي المادي واللامادي، وكل ما له ارتباط بالهوية والتنوع الثقافي للمغرب، ومواكبة وزارة الثقافة وجهات المملكة والمتاحف في كل ما يهم تحصين وتثمين التراث الثقافي المادي واللامادي وتقديم المشورة والمساعدة لها في هذا الإطار، كما تعمل الوكالة على تحصين وتوثيق وحماية كل ما له ارتباط بالتراث الثقافي المادي واللامادي في المجال الفني والإبداعي والفلكلوري واللباس والـكل وغيرها من الممارسات والطقوس والعادات والتقاليد، وكل ما له ارتباط بهذا المجال المتنوع، والتعريف بها بكل الوسائل المتاحة.
وأسند مقترح القانون، للوكالة اختصاصات إعداد وثائق وتصورات وجرد لكل ما له ارتباط بالتراث الثقافي المادي واللامادي وتزينها بكل الوسائل المتاحة ورقيا والكترونيا، والمساهمة في أي مؤسسة يطابق نشاطها الأهداف المرسومة للوكالة والمهام المسندة إليها، مع تقديم مساعدتها الفنية للجماعات الترابية والمؤسسات فيما يتعلق بالتراث الثقافي المادي واللامادي.
علاوة على ذلك، ستقوم الوكالة بجمع وتعميم جميع المعلومات المتعلقة بمجال تخصص الوكالة للجماعات الترابية والجهات والمؤسسات العمومية والخاصة، وخلق منصات الكترونية للترويج والتعريف بكل ما له ارتباط بالتراث الثقافي المادي واللامادي المغربي، والترافع بشأنها لدى الهيئات والمنظمات المهتمة والنشيطة في هذا المجال.
وعلى مستوى التسيير، أفاد مقترح القانون بأن الوكالة يديرها مجلس إدارة ويدبر شؤونها مدير، حيث يعين المدير وفق المسطرة والتشريع المتعلق بالتعيين في مناصب المسؤولية، فيما يرأس الوزير المكلف بالثقافة مجلس إدارة الوكالة.
ويتألف هذا المجلس بالإضافة إلى ممثلي الدولة المحددة قائمتهم بنص تنظيمي، من ممثلين عن كل مجلس من مجلسي البرلمان ينتدبهم رئيس المجلسين مناصفة بين الأغلبية والمعارضة، ورؤساء مجالس الجهات أو من ينوب عنهم، ورؤساء جامعات الآداب والعلوم الإنسانية، ورئيس المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية أو من ينوب عنه.
كما يتألف من ممثل عن المركز السنيمائي المغربي، وممثلين عن جمعيات المجتمع المدني النشيطة في الفن والتراث الشعبي يعينون بنص تنظيمي، كما يمكن لرئيس مجلس الإدارة دعوة أي شخص ذاتي او معنوي الذي يعنيه أمر للحضور في أشغال مجلس الإدارة، أو أي شخص آخر يرى فائدة في الاستنارة برأيه.
ولفت المقترح، إلى أن مجلس إدارة الوكالة يتمتع بجميع السلطات والصلاحيات اللازمة لإدارة الوكالة، ويشترط لصحة مداولاته أن يحضرها أو يمثل فيها مالا يقل عن نصف عدد أعضائه، وتصدر مقرراته بأغلبية الأصوات فإن تعادلت رجح الجانب الذي يكون فيه الرئيس، كما منح المقترح لمجلس إدارة الوكالة اختصاص إحداث لجنة إدارية يفوض إليها بعض سلطه وصلاحياته ويحدد تأليفها وكيفية تسييرها، كما يمكنه إحداث فروع جهوية للوكالة عنه الاقتضاء، بينما يتمتع مدير الوكالة بجميع السلط والصلاحيات اللازمة لتدبير شؤون الوكالة، وينفذ مقررات مجلس إدارة الوكالة ومقررات اللجنة الإدارية في حالة وجودها.
وبحسب المقترح، فإن ميزانية الوكالة تشمل في الموارد، المخصصات السنوية التي تدفعها إليها الدولة، وحصيلة الأجور التي تحصل عليها لقاء الخدمات التي تقوم بها، والحاصلات والأرباح الناتجة عن عملياتها وممتلكاتها، والإعانات المالية التي تدفعها إليها الدولة والجهات.
كما تشمل الموارد السلفات الواجب إرجاعها التي تحصل عليها من الدولة والهيئات العامة والخاصة، والاقتراضات المأذون لها في القيام بها وفق التشريع الجاري به العمل؛ إلى جانب الهبات والوصايا وغير ذلك من الحاصلات، وجميع الموارد الأخرى المرتبطة بنشاطها.
وفيما يخص النفقات، حددها مقترح القانون في تكاليف الاستغلال والاستثمارات التي تقوم بها الوكالة، وإرجاع السلفات والقروض، وجميع النفقات الأخرى المرتبطة بنشاطها، فيما تمنح الدولة الوكالة مخصصات أولية لتمكينها من مواجهة مصاريف تأسيسها.
وتحصل الوكالة من أجل تكوين ممتلكاتها، على عقارات من أملاك الدولة خاصة ومن الجهات. وفى هذه الحالة الأخيرة، يجب الحصول على موافقة مجلس الجهة التي يعنيها الأمر. ويجوز للوكالة أيضا أن تشتري العقارات المذكورة من الجماعات المحلية أو من الأفراد.
كما تمارس الوكالة بتفويض فيما يخص تملك العقارات اللازمة للقيام بنشاطها الحقوق المخولة للسلطة العامة للمادة 3 من القانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت، في حين يتألف مستخدمو الوكالة من مستخدمين تتولى توظيفهم بنفسها، وموظفين تابعين للإدارات العامة ملحقين للعمل بها في مختلف مصالحها.