الألباب المغربية/ أمين الحطاط
يُحتفل بعيد العرش المجيد في المغرب كواحد من أعظم المناسبات الوطنية التي تجسد أواصر البيعة بين العرش والشعب، وتستحضر مسيرة الملك في قيادة البلاد نحو التقدم والاستقرار. هذه الذكرى السنوية لا تقتصر على الاحتفال بحدث سياسي، بل تتحول إلى مناسبة لتجديد العهد بين المغاربة وملكهم، واستعراض منجزات الدولة في مختلف الميادين، خصوصًا في السياق التاريخي والديني الذي يمنح للملكية رمزية قوية في الهوية المغربية.
وفي عام 2025، يكتسي عيد العرش طابعًا خاصًا، حيث يتزامن مع الذكرى الخمسين لانطلاق المسيرة التنموية في الصحراء المغربية، منذ استرجاعها إلى حضن الوطن سنة 1975. هذا التقاطع الزمني يمنح للمناسبة عمقًا مضاعفًا، إذ يلتقي فيها مجد العرش بعزة الأرض، وتُستحضر خمسة عقود من الكفاح والتنمية، تَمَثّل خلالها الشعب المغربي في أروع صور التلاحم الوطني، مدافعًا عن سيادته ومكرّسًا لإنتماءه العميق لأقاليمه الجنوبية.
الارتباط بين عيد العرش وذكرى الصحراء المغربية لا يُجسّد فقط في البُعد الرمزي، بل في امتزاج المسارين السياسي والتنموي. فخلال خمسين سنة، تحولت الصحراء من أرضٍ مُتنازعٍ حولها إلى مجالٍ حيوي نابضٍ بالمشاريع الاستراتيجية، والبنيات التحتية، والمدن الحديثة، والوعي المدني، في ظل الرؤية الملكية التي جعلت من التنمية أداة للمصالحة مع المكان والإنسان، ومن الاستقرار مدخلاً للاندماج الوطني الشامل.
إن عيد العرش، في هذا السياق، لا يُحتفى به كمجرد لحظة بروتوكولية، بل كعنوان للوفاء المستمر، والتاريخ المشترك، والرؤية المتجددة التي يطبعها الملك محمد السادس منذ اعتلائه العرش. في هذه اللحظة، تختلط مشاعر الفخر بالانتماء، وتُستعاد ذكريات المسيرة الخضراء، ويُستشرف المستقبل بكثير من الثقة في قدرة المغاربة على تحويل التحديات إلى فرص، والانتصار لقضيتهم الوطنية عبر العمل والبناء أكثر من الشعارات.
هذا الامتزاج بين الذكرى الملكية والذكرى الترابية يُعيد التأكيد على أن الوحدة الوطنية ليست مجرد شعار، بل هي عملية مستمرة، يُسهم فيها المواطن والملك، التاريخ والجغرافيا، الذاكرة والمشروع، وهو ما يجعل من عام 2025 محطة تاريخية تستحق التأمل والاحتفال، وترسيخ الثوابت التي لا تتغير مهما تغيرت الأزمنة.