الألباب المغربية/ حفيظ صادق
في انتخابات سنة 2021، شهدت مدينة الصويرة حراكًا انتخابيًا غير مسبوق، قاده حزب التجمع الوطني للأحرار، المعروف بـ”حزب الحمامة”. حراكٌ جمع بين الجاذبية البصرية والوعود الوردية: دراجات يزينها شباب بلباس أنيق، حافلات دعائية ضخمة، منشورات مبهرة، وصور لأبناء المدينة تملأ الجدران وتُعلن عن ميلاد جيل سياسي جديد. الساكنة رأت في هذه الحملة بارقة أمل، خصوصًا بعد أن اجتمع ممثلو الحزب مع سكان الأحياء الشعبية، من الغزوة إلى دوار العرب، ومن الديابات إلى واسن، وقدموا برنامجًا بدا بسيطًا، واقعيًا، ويمكن تحقيقه خلال ثلاث سنوات على أبعد تقدير. جاء البرنامج الانتخابي للحزب الفائز مشحونًا بالوعود، من أبرزها:
– إنشاء أسواق نموذجية للتجار الصغار.
– بناء محطة طرقية حديثة.
– تحسين قطاع الرياضة.
– توفير مسارات لذوي الاحتياجات الخاصة.
– تشييد قصر بلدي بمعايير نموذجية.
– تسوية وضعية المستفيدين من التجزئات.
– النهوض بالصناعة والخدمات.
– إحداث حدائق عمومية جميلة.
– بناء 8 ملاعب للقرب.
– تحسين البنية التحتية .
لكن بعد مرور أكثر من أربع سنوات على هذه الوعود، الواقع يقول شيئًا آخر. لا أسواق، لا محطة، لا ملاعب، ولا حدائق… البنية التحتية تتآكل، والنفايات تغزو الأزقة، والرمال تزحف على المدينة كما تزحف الوعود الفارغة على عقول البسطاء بعد فوزهم، اختفى أولئك الشباب الذين وعدوا وابتسموا والتقطوا الصور مع الشيوخ والنساء. وُضِعَت الملفات في الرفوف، واستبدل التفاعل مع الساكنة بصمت إداري قاتل.. بل الأسوأ، أن بعض من كان يُقدم نفسه كمناضل ومدافع عن الحقوق عبر وسائل التواصل، أصبح اليوم جزءًا من المنظومة التي خانت تطلعات الناس… ما وقع في الصويرة ليس خاصًا بها، بل هو صورة مصغرة لأزمة سياسية عامة: انفصال كلي بين البرامج الانتخابية والتنفيذ، غياب المحاسبة، واستغلال طموحات الشباب للزينة لا للمشاركة الفعلية في التغيير.
لكن المسؤولية لا تقع على الأحزاب فقط، بل على الناخبين أيضًا. فالتصويت يجب ألا يكون بناءً على الكلمات المعسولة أو الصور اللامعة، بل على الكفاءة، والمسار والمحاسبة. فوعي الساكنة يرتفع، والتجربة كانت درسا قاسيًا للكثيرين. وقد يكون ما بعد خيبة “الحمامة” بداية نهوض سياسي جديد، عنوانه: “كفى من الوعود، نريد الفعل”.
مدينة الصويرة لا تحتاج شعارات براقة، بل قرارات جريئة، وأناسًا يؤمنون أن الكرامة لا تُمنح في منشورات فايسبوكية، بل تُصان على أرض الواقع، وسط الأحياء، في الأسواق، وعلى الأرصفة، وفي المدارس والمستشفيات.