الألباب المغربية/ المرأة الساخرة
شهدت العلاقات الدبلوماسية للولايات المتحدة مع المملكة المغربية تطورا ملحوظا بدأ مع اعتراف الإدارة الأمريكية بسيادة المغرب على صحرائه. جزء من صفقة يقوم بموجبها المغرب بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، على الرغم من الهدنة التي أبرمتها الأمم المتحدة عام 1991 واستمرار دعوات مجلس الأمن الدولي للمغرب وجبهة البوليساريو للتوصل إلى حل مقبول للطرفين، لم يتنازل أي من الطرفين عن مطالبته بالسيادة على الصحراء. أنهى إعلان ترامب قرابة ثلاثين عاما من دعم الولايات المتحدة للمفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة، ووضع الولايات المتحدة على خلاف مع غالبية المجتمع الدولي، الذي انتقد بسرعة الإجراء الأمريكي باعتباره انتهاكا لحق تقرير المصير.
يمكن إرجاع جذور النزاع حول الصحراء المغربية إلى إنهاء الاستعمار في الإقليم. في منتصف السبعينيات، بدأت إسبانيا في إنهاء استعمار الصحراء المغربية، وادعى كل من المغرب وموريتانيا السيطرة السيادية على الإقليم. لمعالجة النزاع الإقليمي، أحالت الجمعية العامة للأمم المتحدة القضية إلى محكمة العدل الدولية.. التي أصدرت رأيا استشاريا في عام 1975 فسره كل فريق حسب حاجته في الدعاية لمشروعه .
وكحال القوى الاستعمارية الحديثة ظلت القضية محل استنزاف لقدرات البلدان المجاورة وأطراف النزاع فسبب التخلف الاقتصادي والتجزئة في المغرب العربي يعود في مجمله لعقدة الصحراء التي لم تستطع الأمم المتحدة ومؤسساتها أن تفك حلقاته على الرغم من الحلول التي قدمها المبعوثون الأمميون.
يعود المغرب لاستراتيجية الأمر الواقع كوسيلة لحسم النزاع ويحضر الملف الاقتصادي كآلية لتليين المواقف فالغرب الاستعماري هدفه اقتصادي صرف ولعله المحرك والدينامو في العلاقات الدولية وعليه استيقنت أنفس العقول المنظرة أن الموارد قد تسيل رضاب الطامعين ومن خلال ذلك يمكن تليين المواقف والبحث في صيغ أكثر تأثيرا منها الأمر الواقع حيث عملت الدولة المغربية طيلة ثلاث عقود الأخيرة على بناء جسور الثقة مع المنتظم الدولي بأوراش تنموية كبرى شهدتها مدن الصحراء المغربية بما في ذلك من امتيازات للساكنة وتوسيع مجال الحريات وتصفية الوعاء العقاري بغية استيقطاب الاستثمارات الأجنبية خاصة من الدول الكبرى ومنها الصين.
ميناء الداخلة والطريق السريع الذي يربط شمال المملكة وجنوبها ثم البحث في خلق بنية تحتية كافية لورش السكك الحديدية كل هذه الأنشطة سعت وتسعى من خلالها الدولة إلى توسيع دائرة العرض الاقتصادي البرغماتي رغم اختلاف المواقف السياسية حول العديد من القضايا.
ويبدو أن الجملة الأكثر تداولا عند الغرب بما فيه الصين وروسيا هو دعم العملية السياسية التي تشرف عليها الأمم المتحدة ومجلس الأمن فالجميع يثمن مبادرة الحكم الذاتي التي طرحها المغرب ويدعمون مهمة المبعوث الأممي. هذه الجمل شكلت سنام استراتيجية المملكة حيث اختارت البرغماتية والمصلحة المشتركة بشكل ثنائي أو في إطار جماعي على قلة التكتلات الاقتصادية التي تنخرط فيها المملكة.