الألباب المغربية / رشيد اخراز- جرادة
من يظن أن المغرب يسير بخطى ثابتة نحو مستقبل أفضل في قطاعي الصحة والتعليم، فهو واهم أو متجاهل للواقع المرير. فهذان القطاعان الحيويان، اللذان يشكلان عماد أي تنمية حقيقية، يعيشان اليوم واحدة من أسوأ أزماتهما على الإطلاق.
في قطاع الصحة، المستشفيات العمومية تحولت إلى بنايات مهجورة تفتقر لأبسط التجهيزات، والأطباء يعيشون ضغطاً رهيباً في غياب وسائل العمل، فيما المريض البسيط يتنقل بين الأقاليم بحثاً عن سرير أو دواء. العلاج أصبح امتيازاً وليس حقاً، والضعيف عليه أن ينتظر معجزة حتى يجد من يستقبله.
أما التعليم، فقد صار مختبراً للفشل، أقسام مكتظة تتجاوز طاقتها الاستيعابية، مناهج متجاوزة لا تُواكب العصر، وأساتذة مثقلون بالإكراهات دون دعم حقيقي. والنتيجة: جيل ضائع بين مدارس عمومية تعيش على الرمق الأخير، ومدارس خاصة لا تشكل أية إضافة.
الخطير أن الأزمة لم تعد ظرفية بل ممنهجة، وكأن هناك إصراراً على إبقاء الصحة والتعليم في قاع الاهتمام. لا خطط جادة، لا ميزانيات كافية، ولا إرادة سياسية حقيقية تعكس وعود المسؤولين التي نسمعها في كل موسم انتخابي.
إن مستقبل المغرب لن يُبنى على الطرقات والمشاريع الإسمنتية وحدها، بل على إنسان متعلم وسليم. وما دامت الصحة والتعليم غارقين في الظلام، فإن كل شعارات التنمية ستظل مجرد سراب.