الألباب المغربية/ يونس وانعيمي
خلال ندوة علمية نظمها المجلس العلمي الأعلى يوم 9 فبراير الجاري دعا محمد عبد النباوي الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية العلماء المغاربة إلى الاضطلاع بدورهم في توجيه صناع المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي ودورهم في التأطير الأخلاقي للشباب.
وبعده باحت زينب العدوي، رئيسة المجلس الأعلى للحسابات بوحا دينيا ووجدانيا حتى غمرتها الدموع، وتأسفت على استشراف الفساد الكبير في عروق مؤسسات عمومية كان دورها تنموي فسقطت في وحل السرقة. ودعت مجلس علماء المغرب إلى المساهمة في تخليق الجو المؤسساتي العام و”نفث” الوازع الديني على الآمرين بالصرف les ordonnateurs الماسكين بزمام صرف ميزانيات عمومية.
الوازع الديني الذي دعا إليه رئيس هيئة القضاء ورئيسة هيئة التفتيش المالي، شيء جميل لكنه وازع أخلاقي ربما يدخل في قناعاتهما الشخصية أو يدخل في باب مجاملتهما لهيئة دينية منظمة لندوة دينية وهي التي تبتعد عن اختصاصات نظم régulation قانوني محاسباتي قوي يضطلع بها المجلسان نفسيهما.
الوازع الديني مركب عقدي يصعب رصد حضوره أو غيابه ويصعب مقايسته ويصعب المراهنة عليه لحماية القانون وتفعيله خصوصا في أمور وضعية positivistes تستدعي آليات أكثر من أخلاقيات (حتى ولو استلهمنا الأولى من الثانية).
سياسيا وتداوليا وتواصليا، تضع خرجة عبد النبوي والعدوي، من دون قصد (لأنهما خبرات تقنية وازنة فقط) بيضا جديدًا في سلة الإسلام السياسي بالمغرب ونقطا إضافية في سجل أهداف بنكيران (زعيم العدالة والتنمية) حيث سيتم استثمار مفاد كلامهما الديني العاطفي في قصف مؤسسات الدولة “الفاجرة” وتوزيع دعاية فشلها الديني الذي أثر على وظائفها في العدالة والمحاسبة المالية، بدليل بوح هاتين الشخصيتين العموميتين النافذتين (ليس النفوذ بمعناه القدحي بل بحجم اختصاصاتهما)، سيخرج بنكيران (على سبيل الاستعارة) ويخطب في “شعبه” ليبشره بقوة طرحه ونبوءته ويستشرف حاجة الدولة من جديد له ولأتباعه حتى يدب الوازع الديني من جديد في عروق مؤسسات الدولة. سيستند الإسلام السياسي من جديد على كلام المسؤولين الرفيعين ليغذي من جديد مبررات وجوده وطاقة تحركه ويعيد بوصلة تكتيكه للعمل من جديد.
المجلس العلمي الأعلى هو مجلس موعظة وإرشاد ورقابة حتى لا ندخل الإسلام في بوثقة السياسة. لكن العدوي وهي تبكي وعبد النبوي وهو يتلو بوحه، ساهما في إرباك وظائف المجلس أكثر من مساهمتهما في إثراءه بالمديح.