الألباب المغربية-/ محمد عبيد – كاريكاتور: محمد ايت خويا
مهرجان: تاريخ وحكاية (ج4)
بمنطق “اللهم قاسح ولا كذاب” سجلت على الندوة الصحفية للدورة الثانية لمهرجان إفران مواقف جد مثيرة وحريئة حين كانت جل مداخلات الإعلاميين بمدينة إفران ومن خنيفرة وفاس ذات حدة في طرح الأسئلة والمناقشة ركزت على أهمية إعطاء الطاقات والكفاءات الإقليمية فرصة المشاركة كل حسب اهتمامه ومجاله ليكون فعلا مهرجان إفران مهرجان ناس إفران بالمعنى الواضح، وتقديرا واعتبارا للمنطقة ذات التراث الايكولوجي والفني الأطلسيين عن جدارة بعيدا عن لغة التهميش سيما وان المهرجان يكون أهله أكثر غيرة على سيره وحضوره…
ولقد أكدت المداخلات عن الغيرة عن الإقليم ككل وأن الأولوية كان أجدر أن تكون إعطاء الفرصة للطاقات المحلية التي يزخر بها الإقليم والتي هي في حاجة إلى تفجير طاقاتها الإبداعية وتشجيعها للعمل على المزيد من البذل والإبداع والاحتكاك بالفنون والثقافات الأخرى التي لا يمانع أحد في إشراكها سواء تدبيرا أو فنيا حتى تنسجم الكفاءات وتمكن بعضها من بعض إعطاء قيمة مضافة للمهرجان…
ففي خضم هذه الأجواء جرت الندوة الصحفية التي دعت إليها عمالة إقليم إفران وحضرتها عناصر جمعية فاس سايس للتنمية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية ومنتدى إفران للثقافة والتنمية لتسليط الضوء على الدورة الثانية لمهرجان إفران الذي نظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة محمد السادس… طرح عدد من المراسلين الصحفيين خاصة منهم المحليين بعيدا عن هاجس المحاباة والمجاملة وبكل جرأة مجموعة من الملاحظات والأفكار، فكانت التدخلات التي بعضها لم يكن رحيما لأجل وضع النقط على الحروف في كيفية الإعداد والتنظيم للمهرجان حيث تم استنكار ما حدث خلال الدورة الاولى، إذ لوحظ غياب تام للفلكلور المحلي بصفة عامة في حين استفاد الأجانب من الملايين المرصودة للمهرجان، كما تمت الدعوة إلى إعادة النظر في توزيع بطائق الصحافة المختصة بالمهرجان عوض ما حدث بالمحطة الأولى للمهرجان، بطائق أعطيت لأناس لا علاقة لهم بالمجال والتي تجاوز عددها 80… ملاحظات أخرى منها ما أثار او تساءل عن ماهي الاقتراحات التي قدمتها الجمعية المحلية”منتدى إفران للثقافة والتنمية” ضمن البرنامج العام للمهرجان؟ ووقفت مداخلة على تغييب الهوية الأمازيغية وطالبت بإدماجها في المناسبة نظرا لخصوصية المنطقة، وعن تهميش الطاقات المحلية…
وهو الموقف الذي استدركته الجهات المنظمة للدورة الثانية لمهرجان إفران الدولي لتجاوز زلتها عندما همشت الموروث الأمازيغي الفني الذي لم يكن مبرمجا بشكل رسمي قبيل أيام من هذا المهرجان…
جاء هذا الاستدراك حين أعلنت اللجنة على أنها أعطت للبعد المحلي أهمية كبرى من خلال المشاركة المكثفة للفن الأمازيغي وسارعت الزمن بتكوين اوركسترا لفرق أحيدوس بإقليم إفران لهذا الغرض…
كما عاب تدخل عن الاهتمام المبالغ فيه لجلب فنانين وفنانات عرب همهم الكسب المالي نظرا لما يتم عرضه عليهم من إغراء قد يصل إلى 100 مليون فقط لعرض عادي يوشحونه بحمل العلم المغربي كتمويه لحبهم للمغرب في حين بعضهم فور مغادرة المغرب ينسى هذا الفضل ولا يفوت فرصة الطعن في هذا الوطن؟ في حين هناك فنانين مغاربة اقوى حضورا عربيا ودوليا هم أولى بهذا الكرم؟ وأن الأولوية تدعو الاهتمام بالفنان المغربي والحفاظ على الهوية المغربية.
كما تمت ملاحظة حول الميزانية المعتمدة للمهرجان والذي كان الأولى أن تعمل الجمعية على إشراك وتبني مهرجانات إقليمية (مهرجان الأرز العالمي للفيلم القصير ومهرجان الكرز بعين اللوح كنموذج في حين يعتبر تنبني مهرجان الفلك لجامعة الأخوين ورغم أهميته فقط مجاملة وأن هذا المهرجان لا يتطلب غلافا ماليا كبيرا ؟؟؟؟..
هفوات ظهرت مع اول يوم من الدورة الثانية للمهرجان أثارت حفيظة عدد من المتتبعين والمهتمين فضلا عن غضب سواء من الصحافة المحلية منذ الإعلان عن تلك الدورة أو من الصحافة الوطنية التي حضرت وعاشت محن أداء مهامها هذا قبل ان تتفجر غضبة العامل عبد الحميد المزيد عامل الإقليم شخصيا على اللجنة الموكول لها تسيير المهرجان لتتدارك الدورة في يومها الثاني هفوة كانت ستعصف بنجاح المهرجان…خاصة حين كان العامل قد عاين (وفي غفلة من المسيرين ورجال الأمن الخاص أساسا) الليلة الأولى الممارسات التي كانت مثار جدل واختناق بين سواء الجمهور أو الصحافة عند أبواب الدخول لساحة السهرات الفنية بفضاء أرز بلادي…وفي نفس الموضوع كان أن عقدت إدارة المهرجان نفس اليوم اجتماعا طارئا انتفض خلاله عامل الإقليم بقوة في وجه المسيرين للمهرجان لتصحيح التصرفات المسيئة لسير المهرجان.
وبخصوص ميزانية المهرجان جاء تفسير أن الميزانية التي تساهم فيها الدولة ب 50% قد تناهز 600مليون درهما، ولم تفصح الجهة المنظمة عن المبالغ التي ستقدم للفنانين خصوصا منهم الأجانب المشاركين في هذه الدورة؟؟؟.. والأنكى انها كما ادعت بأنها ينكشف فور انتهاء المهرجان عن الحسابات المالية الإجمالية للمهرجان(مداخيل ومصاريف)!!! إلا انها ابدا وكالعادة لم تف بهذا الوعد..
اطلاع جمهور القراء وخاصة منه ساكنة المدينة والاقليم ككل على المبلغ المالي الذي خصص لهذا المهرجان 600مليون سنتيم استفز المشاعر وتفجرت عدة صرخات منددة يهدر المال العام، وكان كذلك ان خرج المجتمع المدني بالإقليم عن صمته للتنديد بهذا المهرجان الذي يرى فيه هدرا للمال العام في غياب مراقبة لكيفية صرف أمواله ولا يقدم أية قيمة مضافة للتنمية المحلية المزعومة والتي يتم بشأنها تفشي ظاهرة جرائم الأموال ولا يعرف كيف يتم طبخه وتمويله؟.. في غياب صريح عن من يستفيد من ماذا ؟(المنح، لي بوند دو كومند، مشاريع التنمية البشرية…)…. إذ راى عدد من الفاعلين المجتمعيين بالإقليم على أنه وجب مراجعة هذا المهرجان لأنه في الحقيقة فرصة لضياع المزيد من الأموال والتلاعب بها ولا يمُتُُّ لا من قريب ولا من بعيد صلة بالتنمية المزعومة اللهم ما ينكشف عنه من “نَمِّيَة” ذات أغراض شخصية لمزيد من هدر المال العام؟
موضوع مهرجان إفران يتطلب الكثير من التأمل فيه.. والذي يعتبر فرصة لنهب المال العام واستغلاله في أغراض بعيدة عن التنمية سواء منها المستدامة أو البشرية؟ والمستفيدون من ريعه يدعون أن له الفضل والمساهمة في تنمية الإقليم؟..
لكن باش؟ بالشطيح والرديح والضحك الصبياني على الديون..
إفران ليست فقط الفندق الفخم بقلب المدينة، الذي يقصده حكام أمتنا للراحة والاستجمام، أو للاجتماعات في إطار العمل، بل هو إقليم كبير ترابيا يحتوي على مدن وقرى ومداشر…
بإقليم إفران عموما هناك بنايات ضخمة صارت إلى اليوم أطلالا، تؤرخ لحقبة الاستعمار الفرنسي في إفران، التي تظل بنايات بلا مفعول مثل مستشفى ابن الصميم والكنيسة المسيحية بإفران، وحي العائلات الفرنسية بإفران المدنية، وبضع منازل بحي الرياض إفران، فضلا عن المستشفى المهجور بمدينة آزرو… وورش المسبح المغطى. بآزرو الذي ذابت ميزايته الأولى بطرق ملتوية وادعو السلطات الإقليمية مزاعم إعادة برمجة ميزانية ثانية لم يظهر لها الأثر لحد الان ولا اعفي الورش الذي تحول الى وكر مزعج للسكان بالمنطقة..
بقية تشريح هذا الوضع، نأتي بها في الورقة القادمة من يوميات مهرجانات إفران: تاريخ وحكاية