الألباب المغربية
أكد سفير المغرب بالبرازيل، نبيل الدغوغي، أمس الأربعاء 22 ماي الجاري ببرازيليا، “التطابق التام لوجهات النظر” بين السياسة الإفريقية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي حرص دائما على جعل الأمن الغذائي “أولوية استراتيجية”، والمبادرة التي أطلقها الرئيس البرازيلي، السيد لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، بشأن التحالف العالمي ضد الجوع والفقر.
وأشاد الدغوغي الذي ألقى محاضرة بمناسبة الاحتفال بيوم إفريقيا في البرازيل بمقر وزارة الخارجية البرازيلية، بمبادرة الرئيس البرازيلي، كما أشاد بالأولوية التي يحظى بها هذا الموضوع من قبل الرئاسة البرازيلية لمجموعة العشرين، والتي تمهد الطريق أمام “شراكة رائدة وطموحة” بين أفريقيا والبرازيل في مجالات الأمن الغذائي ومكافحة الجوع والزراعة المستدامة والاقتصاد التضامني.
وأضاف السفير المغربي أن “مبادرة الرئيس لولا تتطابق تماما، في فلسفتها وأهدافها، مع رؤية صاحب الجلالة الملك محمد السادس، التي جعلت من الأمن الغذائي أولوية استراتيجية ضمن السياسة الأفريقية للملكة”.
وشدد الدبلوماسي المغربي على أن البرنامج “يتوافق في مقاربته العملية مع أولوية التنمية البشرية التي تقود وتوجه جميع الأنشطة والمبادرات التي يقوم بها جلالة الملك بإفريقيا”.
وأشار الدغوغي، في هذا السياق، إلى التحديات التي تواجهها الزراعة الإفريقية والتي تتيح التحديد الموضوعي للسيناريوهات التي يمكن لإفريقيا والبرازيل تنفيذها بشكل مشترك من أجل ضمان الأمن الغذائي للقارة.
وركز السفير المغربي على المعطيات الديموغرافية لإفريقيا والاحتياجات المتزايدة لسكانها والتي تشير إلى “التحدي الهائل الذي سيمثله الأمن الغذائي لإفريقيا بحلول عام 2050”.
وأعرب عن أسفه لاستمرار استيراد 85 بالمائة من الغذاء في أفريقيا، وأن الزراعة الأفريقية تظل الأقل إنتاجية في العالم، إضافة إلى مشاكل نقص التغذية وتداعيات التغيرات المناخية.
إن الجمع بين العوامل الديموغرافية وضعف الإنتاج الزراعي يعني أن “العجز التجاري لأفريقيا في المنتجات الغذائية الرئيسية من المتوقع أن يزداد خلال العقد المقبل”. غير أنه، يلاحظ الدغوغي، “في مواجهة هذا الوضع الصعب للغاية، فإن أفريقيا لا تقف مكتوفة الأيدي (…) فهي تدرك أكثر فأكثر أن الوقت قد حان للتفكير في إطعام أفريقيا واعتماد سياسة تضمن الأمن الغذائي لسكانها”.
وفي هذا السياق، ذكر بانعقاد المؤتمر الإقليمي الثالث والثلاثين لمنظمة الأغذية والزراعة لإفريقيا (ARC33) بالرباط (18-20 أبريل 2024)، والذي بحث استراتيجيات التكيف للزراعة الإفريقية والتحديات التي يتعين مواجهتها أمام التغيرات المناخية والإجهاد المائي.
ومؤخراً، استضافت نيروبي القمة الأفريقية للأسمدة وصحة التربة (7-9 ماي)، والتي ركزت على “الدور الحاسم الذي تلعبه الأسمدة في النمو المستدام للزراعة الأفريقية” واعتمدت خطة عمل للأسمدة وصحة التربة في أفريقيا.
وذكر السفير، بهذه المناسبة، أن “المملكة المغربية جددت التزامها بتقاسم خبراتها ومعارفها في مجال الأسمدة وصحة التربة مع البلدان الإفريقية، من خلال اقتراح تنفيذ أربعة مشاريع هيكلية”، وتتعلق بإحداث كونسورتيوم أفريقي من أجل الابتكار في مجال الزراعة، وإطلاق برنامج تدريبي بخصوص تدبير الأراضي في عموم أفريقيا، ومبادرة تمويل البنية التحتية الزراعية الخضراء، وإنشاء مرصد أفريقي للبيانات وتحليل التربة.
وبالعودة إلى المبادرتين الرئيسيتين اللتين أطلقهما المغرب على هامش الدورة الثانية والعشرين لمؤتمر الأطراف بمراكش (نونبر 2016)، أوضح الدغوغي أن مبادرة تكييف الفلاحة الإفريقية مع التغيرات المناخية المعروفة باسم مبادرة “AAA” ، التي تجمع 33 دولة إفريقية و10 جهات مانحة رئيسية متعددة الأطراف و ثنائية، نجحت في إبرام 7 اتفاقيات مع البنك الدولي لتطوير مشاريع زراعية قادرة على الصمود في 7 دول إفريقية.
أما مبادرة 3S، التي تم إطلاقها في عام 2016، فهي تهدف إلى دعم الاستدامة والاستقرار والأمن في أفريقيا وتعزيز برامج الإنذار المبكر، ورسم خرائط النقاط الحرجة لتدهور الأراضي، وتحركات السكان والهجرة، وتحديد مواقع طرق النقل الجديدة.
كما أن المغرب بدأ في عام 2016 في تبادل خبراته وممارساته الفضلى مع البلدان الأفريقية. وفي هذا السياق، عزز المكتب الشريف للفوسفاط حضوره بإفريقيا من خلال فتح 12 ممثلية عبر القارة وتعزيز إنتاج وتوزيع الأسمدة وتصديرها وذلك من خلال إطلاق 8 مشاريع صناعية في أفريقيا منها 3 منصات للتخزين.
وأشار السفير المغربي في هذا الصدد، إلى أن المكتب الشريف للفوسفاط أصبح المورد الرئيسي للأسمدة في إفريقيا، ولكنه أيضا المورد الرئيسي للخبرة الزراعية في إفريقيا، خاصة من خلال المختبرات المتنقلة المنتشرة في العديد من بلدان القارة.
بالإضافة إلى ذلك، في أكتوبر 2023، أعلنت مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، والبنك الدولي عن شراكة من المتوقع أن تغير قواعد اللعبة بالنسبة للمزارعين في غرب إفريقيا ومنطقة الساحل.
وتشمل هذه الشراكة برامج لمساعدة 5 ملايين مزارع في البنين، وغينيا، ومالي، و التوغو، على مساحة 10 ملايين هكتار. وتهدف إلى تسريع الاستثمارات وتسهيل الولوج إلى الأسمدة وجعلها أكثر اقتصادا بالنسبة للمزارعين.
كما أشاد الدغوغي بـ “النموذج الناجح” للبرازيل في تطوير الصناعة الزراعية منذ السبعينات، والذي سمح لهذا البلد بالانتقال من “مستورد صافي للمنتجات الغذائية إلى أحد أكبر مصدري الحبوب واللحوم والمنتجات الغابوية في العالم”.
وتابع الدبلوماسي المغربي، أنه بفضل التكنولوجيا، تمكنت البرازيل من زيادة إنتاجها من الحبوب بنسبة 400 بالمائة خلال الأربعين سنة الماضية، في حين زادت المساحة المزروعة بنسبة تزيد قليلا عن 40 بالمائة.
وفي ما يتعلق بأفريقيا، نفذت البرازيل، على مدى السنوات العشرين الماضية، أكثر من 700 مشروع للتعاون التقني مع العديد من البلدان الأفريقية، في مجالات مختلفة، لا سيما في قطاع الزراعة، والأمن الغذائي.
وخلص السفير المغربي إلى التأكيد أن آفاق التعاون بين الأفارقة والبرازيليين، تبدو واعدة وينبغي أن تعزز شراكة متينة وملموسة في مجال الأمن الغذائي.
تحرير: مصطفى طه