الألباب المغربية/ رشيد اخراز
لم يجد المواطن البسيط من يصغي له، فاختار أن يجعل من خزانات الماء العالية منصةً لصرخته الأخيرة. مواطن يائس يصعد إلى قمة الخزان، يهدد بحياته، فقط لكي تجلس جهة ما في مكتبها المكيف وتلتفت إليه. مشهد يتكرر وكأننا في مسرحية عبثية، أبطالها وضحاياه المقهورون .
هل يعقل أن يصبح “الخزان” هو مقر البرلمان الشعبي؟ هل يعقل أن تتحول حياة الناس إلى رهينة فوق صهريج ماء، لأن المؤسسات فشلت في أداء أبسط واجباتها ؟
قبل شهور مضت، فعلها مواطن آخر، صرخ واحتج، ثم انتهى به المطاف منتحراً بعدما لم يعره أحد اهتماماً. اليوم يتكرر السيناريو نفسه بمنطقة سوق السبت إقليم الفقيه بن صالح، وكأن المسؤولين لم يتعلموا شيئاً ولم يقرأوا الدرس جيداً.
المؤلم أن هذه ليست سوى علامة صغيرة على انسداد أفقٍ أكبر: غياب الحوار، تجاهل المطالب، ازدراء الكرامة الإنسانية.
المواطن لا يطلب رفاهية، يطلب فقط حقه في العيش بكرامة، لكن حين يسدّ الباب في وجهه، يصبح الخزان أقرب من أي مكتب حكومي.
الخزان اليوم ليس مجرد هيكل من حديد وأسمنت، بل مرآة لسياسة صماء لا ترى إلا بعد أن يهدد الناس بالموت. وهو عارٌ على مسؤولين يقبلون أن يكون موت المواطن أو انتحاره هو بطاقة المرور الوحيدة إلى طاولة الحوار.
السؤال الذي يفرض نفسه: إلى متى سيظل المقهورون يعلّقون مصيرهم فوق خزانات الماء، بينما من بيدهم الحلول يغطّون في سباتٍ عميق ؟