الألباب المغربية – (*) د. عبد الله بوصوف
تجاوز المغرب كل المؤامرات والحملات العدائية والكوارث الطبيعية والمحن…بفضل الانتصار للقيم المُـؤسِسة للهوية الوطنية المبنية على القيم الدينية والروحية والقيم الوطنية و قـيم التضامن والتماسك الاجتماعي والانفـتاح على الآخـر والتسامح والتعايش مع مختلف الديانات والحضارات..
وهو ما شاهدناه جميعا خلال العديد من المحطات التاريخية كان أحـدثها فاجعة كورونــا و زلزال الحوز ليوم 8 شتنبـر 2023.. وهو الحدث الذي تحول إلى درس مغربي قــل نظيـره في التضامن التلقائي والإيـثار بين مختلف الفـئات والأجيال والجـهات.. في زمن يعرف تراجعا ملحوظا في منظومة القيم والمرجعيات…
لقد أثبتت الوقائع التاريخية أن قيم الهوية الوطنية المغربية كانت هي سفينة نــوح التي حافظت على التماسك العائلي وساهمت في ترسيخ الوحدة الوطنية وتعزيز العدالة الاجتماعية…فهي من جهة هويـة موحـدة حصنتها مؤسسة “إمارة المؤمنين ” التي شكلت الضمانة الروحية و الدينية و حرية المعتقد الديني بالمغرب..
ومن جهة ثانية مُـؤسِسة للأمة المغربية القائمة على الملكية وعلى البيعة بين الملك والشعب كــرباط مقـدس.
فلا غرابة إذن، أن يتناول الخطاب الملكي في موعد دستوري لافـتتاح الدورة التشريعية في الجمعة الثانية لشهر أكتوبر من سنة 2023..موضوع التضامن الاجتماعي و الحماية الاجتماعية…بل إن خطاب نفس المناسبة ليوم 9اكتوبر 2020 اعتبره مشروعا وطنيا كبيرا غير مسبوق…وهو ما يعني أن ورش الحماية الاجتماعية هو أجنــدة ملكية أعلنها أمام نواب الأمـة في أكتوبر 2020 و حدد محاورها الأربعة في التغطية الصحية الاجبارية و تعميم التعويضات و توسيع الانخراط في نظام التقاعـد و تعميم الاستفادة من التأمين على تعويض فقـدان الشـغل…ثــم تـرأس حفل تنزيل تعميم الاجتماعية في 14 ابريل 2021 و توقيع الاتفاقيات…
فالانشغال الملكي بموضوع القيــم الأخلاقية كالجدية والاجتماعية كالتضامن والتماسك الأسري.. امتد إلى التنبيه إلى ضرورة المحافظة على توازن و تماسك الأسرة وهو ما كان موضوع رسالة مراجعة مدونة الأسرة.. ليس هذا فحسب، بل إن غايات مشروع تعميم الحماية الاجتماعية و الإصلاحات الكبرى كانت هي تحصين الأسرة و حمايتها من التفكك…
ومن هنا يمكننا القول الهندسة الملكية للمحافظة على الأسرة باعتبارها الوعاء الأمين لكل القيم الوطنية والأخلاقية.. هو أولًا مراجعة مدونة الأسرة تحت أنظار مؤسسة إمارة المؤمنين، و ثانيًا هو تعميم الحماية الاجتماعية لتحصينها والرفع من المستوى المعيشي عبر الدعم الاجتماعي المباشر مع توسيع مساحة المستفيدين من الفئات الهشة والفقراء والأطفال في سن التمدرس و الأطفال في وضعية إعاقة و حديثي الولادة و الفئات التي تعيـل أفرادا مسنين…و رفع شعار منح الدعم لمن يستحقـه..
نعتقد أن كـل ما عاشه المغرب خلال فاجعة زلزال الحوز من تضامن و تآزر قوي و تلقائي و عفــوي لمختلف مكوناته ملكا وشعبا و مؤسسات و مجتمع مدني سواء بالداخل أو بالخارج هو مدعاة للفخر بالهويـة الوطنية المغربية الموحدة وبالشخصية المغربية القوية أمام كل الصعاب و الأزمات…و أن الطريق سالك من أجل تعميم ورش الحماية الاجتماعية الذي اعتبره خطاب افتتاح البرلمان في أكتوبر 2023 دعامة أساسية للنموذج الاجتماعي و التنموي المغربي …
(*) أمين عام مجلس الجالية