الألباب المغربية / محمد المتوكل
عبر الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الاله ابن كيران، عن أسفه للوضع الذي تعيشه منظومة التربية والتكوين بسبب هذه الحكومة، قائلا إن “الحكومة مع الأسف الشديد تعمل خارج مشروعية”، وذكر أن: “وعد الحكومة بزيادة 2500 درهم في أجور الأساتذة حين الولوج الى القطاع فضيحة، لكن الأكبر منها هي الوعود التي قطعوها بإدماج أطر الأكاديميات، وشدد على أن المطلب الحقيقي من الحكومة ليس الاعتذار عن وعودها الكاذبة وتبعا لذلك الاستقالة، وإنما أن لا تطلقها من حيث المبدأ،” مشيرا أن هذه الوعود الكاذبة هي التي أوقعتنا في الأزمة الحالية.
وأضاف في كلمة له خلال الندوة التي نظمها حزب العدالة والتنمية، والتي حضرها عدد من قيادي الحزب، حول موضوع” النظام الأساسي الخاص بموظفي التربية الوطنية بين التدبير الحكومي ومستلزمات الإصلاح” بالرباط، أن المشكلة الأساسية هي تمرير ماجاءت به من دون أي صراحة معهم، وخلص ابن كيران إلى القول أن ورش التربية والتكوين ورش أساسي واستراتيجي، وأن الأمانة العامة للحزب قررت تشكيل لجنة خاصة لتتبعه بشكل مفصل.
وللخروج من أزمة النظام الأساسي التي تعيشه الحكومة الحالية أطوارها خلال الأسابيع الاخيرة، بسبب إضراب الٱلاف من الأساتذة لاحل لها إلا بسحبه والاعتذار من المغاربة، ثم تقديم استقالتها، وفي هذا السياق أضافت ماء العينين عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، في كلمتها مخاطبة عزيز اخنوش قائلة: “بنيتم حملتكم الانتخابية على زيادة 2500 درهم في أجور الأساتذة، ولا شيء تحقق من هذا الوعد، ودعت الحكومة الى مراجعة منهجية الحوار والإقصاء المعتمد لنقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، واصفة ما تقوم به الحكومة على هذا المستوى ب “المكر”، وأن من بين الأسباب الذي أدت الى الاحتقان الحالي في منظومة التربية والتكوين “كذب” رئيس الحكومة على المغاربة، واسترسلت بالقول” إن عجزتم عن هذه الزيادة وعن الزيادة العامة في الأجور وعن تنزيل الدرجة الجديدة في الترقي وغيرها فلا تستمروا في الكذب، بل يجب أن تدركوا أن الشفافية والوضوح والشجاعة في التواصل مع المواطنين هي جزء وعنصر أساسي للحل”.
إذ سجلت المتحدثة ذاتها غياب البعد الاستراتيجي من لدن الحكومة إزاء قضية وطنية كقضية التعليم، وهي القضية التي من المفروض أن توحدنا جميعا، ولأن الحكومة مفتقدة للرؤية وللمنظور الاستراتيجي في الإصلاح، تقول ماء العينين أن” عليها أن تقوم بقراءة ذاتية لواقعها وتدرك أن النظام الأساسي نص حساس جدا، لذلك يجب أن يوضع في منظور شمولي وأن تبتعد عن الارتجالية، وأن تقوم بمقاربته بناء على الرؤية الاستراتيجية والقانون الإطار”.
وتأكيدها على أن مخالفة الحكومة للمنطوق الصريح للقانون الإطار والرؤية الاستراتيجية، يجعلنا أمام حكومة خارج الشرعية لأنها تخالف القانون، وأن المنظور التقنوقراطي والتجزيئي الذي تتبناه الحكومة يجعلها حكومة غير مسيسة، لأنه لا يفهم المجتمع ولا يفهم السياسة، وأضافت “مؤسف ومعيب فعلا أن لا يدرس أبناؤنا طيلة الدورة الأولى، والمؤسف أكثر أن تتعامل الحكومة مع هذا الواقع باستخفاف وتجاهل تام، مشددة على أن حزب العدالة والتنمية صامد في مسار إعلاء منظور الحزبية والسياسة، رغم كل الصعوبات والعراقيل، وأكدت أننا في نهاية 2023 وعلى مشارف 2024 ومع ذلك نصطدم باحتجاجات واسعة لرجال ونساء التعليم، وفي وقت وضعنا استراتيجية لإصلاح المنظومة، تقطع مع هذا الوضع وتضع قطار الإصلاح على سكته السليمة.
عبد الإله دحمان نائب الأمين العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب ذكر في ندوة أنه يجب إعادة تصحيح الرؤية بخصوص واقع رجال ونساء التعليم لحفظ كرامتهم، ومقاربة ما يجري بموضوعية مستوعبة للواقع وليس فيها مزايدة.
وأكد أن الحكومة عاجزة عن بلورة حلول علمية لأزمة القطاع، فضلا عن أنها قدمت وعودا كبيرة لكنها تبخرت في الأخير، فساهمت بذلك في تأجيج الأوضاع، وأن النظام الأساسي كان يجب أن يجيب على الثغرات التي كانت في نظام 2003 لكنه لم يفعل، ويفتقد للمرجعية القانونية المتمثلة في القانون الإطار، حيث انتقد نهج التكتم والسرية الذي اعتمدته الحكومة في الحوار الاجتماعي الذي قام به وزير التعليم مع النقابات المشاركة في الحوار، وأكد لنقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب التأكيد أن الإقصاء الذي تعرضت له نقابته، سواء من الحوار الاجتماعي مع الوزارة أو من عضوية المجلس الأعلى للتربية والتكوين، كان بخلفية سياسية واضحة وغير خافية.
واسترسل في حديثه أيضا “نص مثقوب لأنه في حاجة إلى 3 مراسم و 20 قرارا تنظيميا، وهي النصوص التي ستعطي التصور الإجرائي للنظام وقال أن المطلب الذي يرفعه رجال ونساء التعليم اليوم تجاوز ماهو مطلبي أو فئوي إلى المطالبة بسحب النظام الأساسي الذي جاءت به الحكومة والتأسيس لنظام يحفظ الكرامة، وأن نقابته لها 100 ملاحظة على النظام، متوقفا عند ما ارتبط بالمهام، ومشيرا الى أن المهمة الأساسية للأساتذة هي التدريس وتدبير الامتحانات.
وأضاف ادريس صقلي عدوي، رئيس منتدى التنمية للأطر والخبراء، أننا اليوم في الأسبوع الخامس من الإضراب بسبب هذا النظام،. ما يهدد بسنة بيضاء، ونبه إلى أن المقاربة التشاركية كانت جد محدودة في تدبير ملف كبير من قبيل النظام الأساسي، وهو الأمر الذي خلف نظاما ليس عليه أي توافق، ولا يستجيب للانتظارات.
حيث أكد أن كل ما يتعلق بالعقوبات من الدرجة الأولى الى الرابعة، هو ما يعكس المقاربة الزجرية الواضحة التي جاءت بها الحكومة الذي تبين أنها خارج السياق والتاريخ وغير كفؤة في تدبير ملفات من قبيل هذا الملف وأن الجواب عن الأزمة الحالية هو بيد الحكومة، التي يجب عليها فتح حوار جاد مع جميع النقابات وليس فقط مع نقابات الأربع التي كانت تحاورها، ومن الواضح أن الأزمة تجعلنا نسجل بأسف فشل الحكومة الذريع وإخفاقها الكبير في تدبير ملفات كبرى ومنها قطاع التعليم، وأن أفضل حل لهذه الأزمة هو سحب الحكومة هذا النظام وتقديم استقالتها.
وبعد عدة أسابيع من الاحتجاجات والاضرابات، عقد رئيس الحكومة عزيز اخنوش لقاءا يوم الاثنين مع النقابات التعليمة، واتفق على تجميد النظام الأساسي الجديد للتعليم، في انتظار تجويده وتحسينه، وذلك في أجل أقصاه 15 يناير 2024، وأكد ضمن تصريحاته أن فتح الحوار وتجميد النظام الأساسي يجب أن يرافقه عودة المتعلمين إلى فصولهم الدراسية، وبدورها التنسيقية الوطنية لقطاع التعليم لم تتأخر في الرد عن رفضها لتجميد النظام وعن المخرجات المعلن عنها من قبل الحكومة.
وأكد عبد الوهاب السحيمي، عضو التنسيق الوطني لقطاع التعليم أن “المخرجات جاءت فضفاضة، ونطالب بإجراءات عملية ومطالبنا واضحة تستوجب أجوبة واضحة من الحكومة” معلنا أن التنسيق يرفض “تجميد النظام الأساسي، ويتمسك بسحبه، ومستمر في برنامجه النضالي”.
فالحكومة تجمد والنقابة التعليمية ترفض، فما هو النظام الأساسي الأصلح للتعليم إذن في ظل هذا المخاض الذي تمخض فولد فأرا للأسف الشديد؟.