الألباب المغربية/ أحمد زعيم
في مشهد يُكرس الإقصاء ويبعث على الإحباط، تتكرر نفس الوجوه والأسماء على خشبات الحياة العامة، من السياسة والاقتصاد إلى الثقافة والإعلام والمبادرات المجتمعية. واقع بات أشبه بمسرحية محفوظة المشاهد، لا يتغير فيها سوى الديكور والمنصات، بينما الممثلون والممولون لا يغادرون الخشبة أبدا.
في المناصب السياسية، تُقصى أجيال كاملة، وتُهمش أصوات واعدة تحت هيمنة نخب رسخت وجودها في مفاصل القرار، واحتكرت التداول السلمي للسلطة حتى صار الإستثناء هو القاعدة. أسماء بعينها تتنقل بسلاسة بين الوزارات والمؤسسات والمجالس، في زمن تغلب فيه الزبونية على الكفاءة، وتُشترى فيه الشهادات وتُباع المناصب، وكأن الوطن لا يتسع لغيرهم.
أما في الحقل الاقتصادي، فالصورة أكثر انغلاقا. حيتان السوق تهيمن على المشهد، تبتلع المبادرات وتحتكر آليات الدعم والتمويل. المشاريع الشابة، مهما بلغت من ابتكار وطموح، تُجهض غالبا قبل أن ترى النور، لا لقصورها، بل لأنها لا تمتلك مفاتيح الوصول إلى شبكات النفوذ والمصالح الخاصة.
وحتى المشهد الثقافي والإجتماعي لم يسلم من هذه العقلية الإقصائية، من الندوات إلى المهرجانات، تتكرر الوجوه ذاتها: نفس المنظرين، نفس المنظمين، نفس المتوجين ونفس الولائم، وكأن الإبداع بات امتيازاً حصريا لفئة بعينها.
أما البقية، فيُحشرون في صفوف المتفرجين، يصفقون تارة بسخرية، وتارة أخرى بحسرة صامتة.
في ظل هذه المنظومة المغلقة، تخنق روح التجديد، وتجهض الكفاءات، ويترسخ في الوعي الجمعي شعور بأن النجاح لا يُنتزع بالجدارة، بل يُمنح بقدر الولاء. الفرص تُوزع لا وفق الإستحقاق، بل كغنائم محسوبة على حساب الولاء والانتماء، لا على أساس الفكر أو الكفاءة.
لقد آن الأوان لمساءلة هذا النموذج الاحتكاري الذي تحول إلى عقبة حقيقية أمام التنمية الشاملة والعدالة الاجتماعية. لم يعد الصمت خيارا. المطلوب اليوم هو كسر الحلقة، وفتح الأبواب، وتكريس مبدأ تكافؤ الفرص، وتمكين الجميع من دون استثناء أو إقصاء.
فهل نملك الشجاعة لكسر هذه الدوائر المغلقة ؟ أم أن المسرحية ستستمر بالسيناريو ذاته، وبالممثلين أنفسهم، إلى إشعار آخر؟.
 
			 
			 
                                 
                              
		