الألباب المغربية
يسعى الاتحاد المغربي للشغل رفقة المركزيات النقابية الممثلة في البرلمان إلى إسقاط مشاريع القوانين التي تحاول الحكومة تمريرها بأغلبيتها العددية، وعلى رأسها مشروع القانون التنظيمي للإضراب، وقوانين إصلاح أنظمة التقاعد، وإلغاء التعاضديات ودمج “كنوبس” في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بالإضافة إلى توحيد صناديق التقاعد في صندوق واحد حسب مصادر مطلعة.
حيث تلقت المركزية للاتحاد المغربي للشغل معلومات حول نية الحكومة عقد جلسة بلجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب للشروع في المناقشة التفصيلية لمشروع قانون الإضراب، وذلك عبر حشد نواب الأغلبية كما حدث في الجلسة الأولى التي شهدت خلافات بين الحكومة والمعارضة حول توقيت بدء النقاش. وقد تم تحديد شهر للتصويت على هذا المشروع، رغم معارضة النقابات لمحتوياته.
وفي إطار التصعيد، قررت النقابات توسيع دائرة الاحتجاج لتشمل جميع المركزيات النقابية، وذلك بهدف تشكيل جبهة وطنية قوية لمواجهة ما يرونه محاولة حكومية لفرض الأمر الواقع، مستشهدين بما فعله رئيس الحكومة الأسبق عبد الإله بنكيران فيما يتعلق بإصلاح التقاعد، من خلال زيادة المساهمات المالية ورفع سن التقاعد إلى 65 سنة.
ورفضت النقابات مشروع قانون آخر تسعى الحكومة لتمريره، يتعلق بإلغاء التعاضديات ودمج “كنوبس” في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، متسائلين عن مصير ثلاثة آلاف موظف يعملون في هذه المؤسسات، بعضهم أعضاء في النقابات.
وأثار تأجيل جلسة الحوار الاجتماعي لشهر سبتمبر استياء النقابات التي اعتبرت أن هذه الخطوة تمهد لتمرير القوانين المثيرة للجدل بالاستعانة بأغلبية البرلمان العددية، مما يعزز مخاوفها من ضياع مكتسبات الطبقة العاملة.
كما أصدرت مركزية الاتحاد المغربي للشغل بلاغا شديد اللهجة للحكومة بعد الخطوة الغير المحسوبة والاستفزازية لوزير الشغل، توصلت الجريدة بنسخة منه، جاء فيه:
أقدم وزير الشغل ومعه الحكومة، في خطوة استفزازية وغير محسوبة العواقب، على تمرير مشروع القانون التنظيمي لحق الإضراب إلى البرلمان، من خلال برمجة مناقشته التفصيلية في لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، يوم الأربعاء 24 أكتوبر 2024، تمهيدا للمصادقة عليه.
والوزير المذكور ومعه الحكومة، بهذا التصرف في ملف وفي قانون يَهُمُّ بالدرجة الأولى الحركة النقابية و الطبقة العاملة المغربية، فإنه يضرب عرض الحائط التزامات الحكومة المتضمنة في الميثاق الاجـــــتماعي الموقع بين الحركة النقابية والسـيـد رئيس الحـــــكـــــومة في 29 أبريل 2023، ويفند مرة أخرى إدعائاته التمسك بآلية الحوار الاجتماعي في معالجة كل الملفات الاجتماعية الكبرى، كما يؤكد بالمكشوف تنصله التام من ركائز الديمقراطية ومن فحوى الدولة الاجتماعية.
إن هذا الوزير ومعه الحكومة، بتَجَرُّئه على أكبر قانون تنظيمي بعد الدستور يهم الملايين من العاملات والعمال و الموظفين والموظفات، والذي هو في صلب اختصاصات الحركة النقابية، يقترف اعتداء سافرا على دستور البلاد وعلى الديمقراطية وعلى حقوق الإنسان وعلى صلاحيات مؤسسة الحوار الاجتماعي، بل يعبر عن سوء نية صارخة بتجاهـل مقـترحـات ومواقف الاتحاد المغـربي للشغل والحركة النقابية، الرافضة قطعا أي مساس بحق الإضراب والمطالبة بقانون تنظيمي متوازن، حمي ويكرس هذا الحق الدستوري والكوني، و ذلك كما جدده و عبر عنه وفد الاتحاد خلال جولات الحوار الاجتماعي الأخيرة في هذا الشأن، مترافعا ومدافعا وفيا ومسؤولا عن هذا الحق الدستوري.
إن وزير الشغل هذا، كان قد قدم أخر مسودة من مشروع هذا القانون للحركة النقابية والتي تعتبر ملغومة وزجرية وسالبة لحق الإضراب وممهدة لتراجعات اجتماعية قادمة و خطيرة، ليقدم بكل سوء نية، على إحالة هذا المشروع على البرلمان، دون استكمال المفاوضات بشأنه مع الحركة النقابية التي رفضت صيغته الحالية.
وأمام هذا المنحى الخطير في المقاربة التشاركية التي تتغنى بها الحكومة وأمام تجاهل مواقف الاتحاد المغربي للشغـل والحركة النقابية المغربية، وعدم الاكتراث و الأخذ برأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ورأي المجلس الوطني لحقوق الإنسان بصفتهما مؤسستان دستوريتان، واللذان انتصرا لدستورية الحق في الإضراب، وأوصيا بضرورة إعادة صياغة هذا المشروع في إطار مؤسسة الحوار الاجتماعي على أساس ضمان وتكريس وحماية حق الإضراب وتجريد الصيغة الحالية من كل تدابير تعجيزية، مقيدة أو زجرية في ممارسة حق الإضراب.
إن الاتحاد المغربي للشغـل، إذ يجدد بأن لا تنازل عن حق الإضراب، فهو يذكر بأن هذا الحق يعد مكتسبا ذا حمولة وطنية وتاريخية، انتزعته جموع النقابيين وشهداء التحرير الوطني إبان الاستعمار، بالنضال وبحريتهم وأرواحهم، وشكل شعلة أساسية في معركة التحرير الوطنية وفي معركة الاستقلال، كما يذكر بأن حق الإضراب هو حق كوني مكفول وطنيا بالدستور ودوليا بالمواثيق الدولية للأمم المتحدة ولمنظمة العمل الدولية، كما يذكر في هذا الصدد، بأن حق الإضراب معروض حاليا على أنظار محكمة العدل الدولية من أجل البث فيه ويحظى هذا الملف بتعبئة ومتابعة من الحركة النقابية الدولية.
وتأسيسا على ما سبق، فإن الاتحاد المغربي للشغل:
- يدين بشدة استهتار وزير الشغل ومعه الحكومة بالطبقة العاملة المغربية وبحركتها النقابية، من خلال محاولة فرض مشروع القانون التنظيمي التكبيلي لحق الإضراب
- يطالب الحكومة بالسحب الفوري لهذا المشروع من البرلمان وبإعادته لطاولة الحوار الاجتماعي وبالتحلي بروح المسؤولية والجدية وبالاحترام التام للإلتزاماتها الاجتماعية.
- يطالب الحكومة بالتنزيل السليم لأحكام الدستور وبقانون تنظيمي لحق الإضراب، عادل ومتوازن.
- يُحَمل هذا الوزير ومعه الحكومة مسؤولية إفشال جولات الحوار حول هذا الملف الاجتماعي الهام والمصيري، كما يحملهما المسؤولية التامة في تمييع وإفراغ الحوار الاجتماعي من أدواره وكذا في تفاقم الاحتقان الاجتماعي.
- يحذر مرة أخرى الحكومة من مغبة التمادي في هذا النهج اللاديمقراطي والماس بحق أساسي من حقوق الإنسان.
- يعبر عن التزامه واستعداده التصدي بكل حزم وبكل الآليات المشروعة لهذا المشروع في صيغته الحالية التي لا تختلف في الجوهر والمضمون عن مسودة المشروع المجمد في عهد الحكومتين السابقتين.
- يهيب بالمناضلات والمناضلين وبعموم الطبقة العاملة المغربية في كل القطاعات المهنية و بكل المدن و الجهات إلى التعبئة الشاملة والتأهب لخوض كل المحطات النضالية اللازمة لوقف مشروع الإجهاز على حق الإضراب وعلى الحريات النقابية وعلى المكتسبات الاجتماعية.
- يهيب بكل القوى الحية ببلادنا من أحزاب سياسية وحركة نقابية وجمعيات حقوقية ومجتمع مدني ببلادنا إلى التعبئة وتوحيد المواقف والتكتل من أجل وقف محاولة الإجهاز على هذا الحق الدستوري والإنساني.