الألباب المغربية/ بدر شاشا
التعليم الجامعي في المغرب لا يزال يواجه تحديات كبرى، أبرزها ضعف الارتباط بسوق الشغل، حيث يتخرج آلاف الطلبة سنويًا دون أن يجدوا فرص عمل تتناسب مع تخصصاتهم. لهذا، أصبح من الضروري التفكير في إصلاح شامل لمنظومة التعليم العالي، خاصة في الشعب ذات الطابع النظري، مثل الاقتصاد والحقوق والمالية. الفكرة المطروحة اليوم تتجلى في دمج نصف مواد هذه التخصصات داخل الكليات الاجتماعية، بهدف إعداد خريجين يتمتعون بمهارات متعددة، مما يسهل عليهم الاندماج في سوق العمل ويجعلهم أكثر قدرة على مواجهة متطلباته.
- لماذا هذا الإصلاح ضروري؟
التخصصات الجامعية الحالية غالبًا ما تكون معزولة عن بعضها البعض، حيث يدرس طالب الاقتصاد الجوانب المالية والاقتصادية دون أن يكتسب معرفة قانونية كافية، في حين يدرس طالب الحقوق القانون دون الإلمام بالجوانب الاقتصادية التي تؤثر على التشريعات. نفس الأمر ينطبق على طلبة المالية الذين يفتقرون لفهم السياق الاجتماعي والاقتصادي الذي يتحكم في السوق. هذا الفصل بين التخصصات يجعل الخريجين محدودي الأفق، وغير مؤهلين بما يكفي للعمل في بيئات متعددة التخصصات.
- مزايا دمج المواد الاقتصادية والحقوقية والمالية في العلوم الاجتماعية
عند دمج نصف مواد هذه التخصصات داخل الكليات الاجتماعية، سيكتسب الطلبة رؤية أوسع، حيث سيتمكن طالب الاقتصاد من فهم الإطار القانوني الذي يحكم المعاملات الاقتصادية، وسيتمكن طالب الحقوق من التعرف على المبادئ المالية التي تؤثر على التشريعات، مما يجعله أكثر كفاءة في مجالات مثل المحاسبة القانونية، وتمويل المشاريع، والقانون التجاري.
هذا الدمج سيمنح الطلبة تكوينًا أكثر تنوعًا، وسيجعلهم قادرين على شغل وظائف مختلفة، مثل العمل في الإدارة العامة، والاستشارات القانونية والمالية، والبنوك، والتدبير المالي للمؤسسات، وحتى إطلاق مشاريعهم الخاصة. كما أن هذا التوجه سيساهم في تقليص البطالة الجامعية، لأن الخريجين سيكونون مؤهلين لوظائف متعددة بدلًا من أن يكونوا محصورين في مجال ضيق.
- كيف يمكن تطبيق هذا الإصلاح؟
لتحقيق هذا الإصلاح، يمكن إعادة هيكلة المناهج الجامعية بحيث تتضمن الكليات الاجتماعية مواد أساسية من الاقتصاد والحقوق والمالية، مثل مدخل إلى القانون التجاري، أسس المحاسبة والمالية، مبادئ التدبير الاقتصادي، ومادة تحليل السياسات العامة. كما يمكن تقديم تكوينات مهنية قصيرة المدى تساعد الطلبة على اكتساب مهارات عملية مرتبطة بسوق العمل، مثل التدبير الإداري، تحليل البيانات الاقتصادية، وإعداد الملفات القانونية للمقاولات.
بالإضافة إلى ذلك، يجب تعزيز الشراكة بين الجامعات والمقاولات والإدارات العمومية، حتى يتمكن الطلبة من الاستفادة من تداريب عملية خلال دراستهم، مما يسهل عليهم الاندماج بعد التخرج.
- نحو جامعة أكثر ارتباطًا بسوق الشغل
هذا الإصلاح لا يعني إلغاء التخصصات الجامعية، لكنه يسعى إلى كسر الحواجز بين المجالات الأكاديمية، وجعل التكوين الجامعي أكثر تكاملًا وارتباطًا بسوق الشغل. إذا تم تطبيق هذا التوجه، فإن الجامعة المغربية ستتحول من فضاء للتلقين النظري إلى مؤسسة تُخرج كفاءات حقيقية قادرة على المساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.
 
			 
			 
                                 
                             