متابعة/ المصطفى العياش
عودة إلى عام 2010 تاريخ آخر قمة حضرها الأسد في مدينة سرت الليببة، يبدو المشهد وكأنه ينتمي لعصر آخر، آنذاك كان الزعيم الليبي معمر القذافي يرأس القمة بحضور رؤساء أطيح بهم بعد ذلك في خضم ما عرف بثورات الربيع العربي، بعضهم مات كالرئيس المصري حسني مبارك والتونسي زين العابدين بن علي والجزائري عبد العزيز بوتفليقة، وبعضهم قتل كالليبي معمر القذافي واليمني علي عبد الله صالح، فيما يرزح الرئيس السوداني عمر البشير في السجن.
ففي مارس من سنة 2011، راودت السوريين نفس الأحلام التي راودت المصريين والتونسيين، مع صرخة بائع تونسي متجول، أضرم النار في جسده احتجاجاً على الظلم وحالته المعيشية المزرية، ووصلت شرارة جسد البائع التونسي البوعزيزي، إلى معظم البلدان. فبعد الإطاحة بحكم زين العابدين بن علي في تونس وحسني مبارك في مصر، تفاءل السوريون بالنتائج التي حققتها المظاهرات في كلا البلدين، وخرج العشرات في مظاهرات سلمية في مدينة درعا، احتجاجاً على البطالة، وتفشي الفساد، وغياب الحريات السياسية.
لكن سرعان ما تحولت تلك الاحتجاجات إلى أعمال عنف وتحولت أحلامهم إلى كوابيس مستمرة مع سيطرة لغة الرصاص والدم؛ نتج عنها أعتى حرب أهلية في القرن الحالي، وفقدت قوات بشار السيطرة على غالبية أنحاء البلاد لصالح معارضيه وتنظيمات أصولية في مقدمتها تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية، وجبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة. لكن تدخل روسيا، والذي سبقه دعم إيراني مباشر، استعاد السيطرة على الكثير من أنحاء البلاد بهزيمة تنظيم الدولة في مارس من سنة 2019.
ومن أولويات رؤساء الدول العربية في القمة 32 بجدة، والتي يحضر فيها لتمثيل صاحب الجلالة الملك محمد السادس ،الأمير مولاي رشيد، في أشغال اجتماع مجلس جامعة الدول العربية.
وهي تعد أول مشاركة لبشار الأسد في قمة عربية، منذ قمة سرت في ليبيا عام 2010 قبل اندلاع الثورة السورية 2011،؛ إلى أن أعلنت جامعة الدول العربية يوم السابع من ماي 2023، إنهاء تجميد مقعد سوريا لنحو 12 عاما، لتعزيز التشاور والتنسيق بين الدول العربية بشأن مساعى الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة وتعزيز المصالح العربية، خاصة فى ظل المتغيرات المتلاحقة والأزمات المتصاعدة على المستويين الدولي والإقليمي.
فقد كانت للمملكة المغربية دوما سياسة عربية مقدامة وواضحة، تجلت في محطات أساسية كانت مناسبة لتنقية الأجواء، على الساحة العربية؛ حين احتضن المغرب بالرباط مؤتمرا في سنة 1974، في إطار قمم الجامعة العربية عقب حرب أكتوبر في سنة 1973، وهي القمة التي كرّست منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وأنهت من ثمة الخلاف ما بين المملكة الأردنية الهاشمية ومنظمة التحرير، الشيء الذي هيأ للزعيم ياسر عرفات أن يلقي خطابه الشهير في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سنة 1974، وكان أشهر ما جاء فيه: “جئت إليكم وأنا أحمل غصن زيتون في يدي، وفي اليد الأخرى أحمل بندقية الثائر، فلا تسقطوا غصن الزيتون من يدي، لا تسقطوا غصن الزيتون من يدي”.
ومن القمم المهمة القمة العربية الإستثنائية الثانية 1982 التي عقدت في فاس يوم 6 سبتمبر 1982، شاركت فيه تسع عشرة دولة وتغيبت ليبيا ومصر. واعترفت فيه الدول العربية ضمنيا بوجود إسرائيل. وصدر عنه بيان ختامي تضمن مجموعة من القرارات أهمها:
– إقرار مشروع السلام العربي مع إسرائيل، أهم ما تضمنه: انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية التي اختلها عام 1967، وإزالة المستعمرات الإسرائيلية في الأراضي التي احتلت بعد عام 1967 وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وتأكيد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وتعويض من لا يرغب بالعودة.