الألباب المغربية/حبيب سعداوي- إيطاليا
في سابقة هي الأولى من نوعها ؛ فقد قرر مدير إحدى المدارس الثانوية بمدينة “پيولتيلو” بنواحي ميلانو شمال إيطاليا؛ يوم 10 أبريل المقبل، والذي يوافق أول أيام عيد الفطر المبارك يوم عطلة رسمية بالمدرسة؛ مبررا قراره بأن نسبة الطلاب المسلمين في المدرسة بلغ 43 ٪ من إجمالي عدد الطلاب بالمدرسة.
هذا، وفور إعلان إدارة المدرسة في شخص مديرها عن القرار؛ فقد اندعلت حالة من الجدل على المستوى الوطني، بحيث داع الخبر كالنار في الهشيم ليصل إلى قبة البرلمان، وفي صفوف المجتمع المدني الايطالي بين مؤيد ومعارض.
وفي أول ردة فعل تجاه القرار؛ علقت “سيلفيا ساردوني”، عضوة بالبرلمان الأوروبي وهي تنتمي لحزب رابطة الشمال اليميني، والمعادي للمهاجرين في إيطاليا قائلة: “إنه قرار ذو صبغة بشكل خاص، ومثير للقلق بالنسبة لي، ويشكل سابقة من نوعها، لأنها ربما تكون المرة الأولى في تاريخ إيطاليا التي يتم فيها إغلاق مدرسة في شهر رمضان”.
وأردفت “سيلفيا” في نفس السياق معلقة على رؤساء المدارس: “بالنسبة لقادة المدارس، فإن هذا الإختيار يساعد على الإدماج نعم، لكن علاوة عن ذلك، أعتقد أنه يمثل تراجعا خطيرا عن هويتنا ؛ فمن خلال إغلاق المدارس لقضاء العطلات التي لا تشكل جزءا من ثقافتنا وتاريخنا، فإننا نعطي قوة أكبر لعملية الأسلمة؛ تجعلها تنتشر بقوة في جميع أنحاء أوروبا على مر السنين، فطلب اتحاد الجاليات الإسلامية في إيطاليا إدراج الأعياد الإسلامية في مدارسنا. إنه انجراف غير مقبول، فبينما نخفي رموزنا وتقاليدنا في الأقسام الدراسية، سنغلق المدارس للاحتفال بعيد رمضان.. هذا ليس المستقبل الذي نريده لأبنائنا تضيف سيلفيا!”.
أما وزير التعليم “جوزيبي فالديتارا” فقد عقب على القرار قائلا: “من الواضح أن رئاسة المدارس لا يمكنها تحديد أو إضافة عطلات جديدة بشكل مباشر أو غير مباشر. فهدفي هو تطبيق القانون والشرعية والقواعد… فالقواعد المدرسية يجب تحديدها من قبل المديرية الجهوية بلومبارديا. ولا يمكن للمدارس في شخص مجالسها أن تتحد قرارات إنفرادية .
هذا، وتتفق وكيلة وزارة التربية والتعليم “پاولا فراسينيتي” مع ما قاله الوزير بشأن قضية مدرسة پيولتيلو، حيث قالت: “من الصواب أن تتحقق المكاتب المختصة بالوزارة من الأسباب التعليمية التي أدت إلى اتخاذ قرار الإستثناء، وعن التقويم ومدى توافقه مع النظام القانوني. همنا الأول هو عدم المساس بحق أي شخص في الدراسة تضيف پاولا.
أما على مستوى الرأي العام الوطني؛ فقد إندلع الجدل على صفحات التواصل الإجتماعي من قبل أولياء أمور الطلاب ما بين مؤيد ومعارض للقرار، ووصل الجدل إلي توجيه إهانات إلى مدير المدرسة صاحب القرار .
وعن قراره بإعتبار يوم عيد الفطر عطلة رسمية يقول مدير المدرسة “أليساندرو فانفوني” لصحيفة “كورييري ديلا سيرا”: لدينا 43 % من التلاميذ من جنسيات أخرى غير إيطالية (إجمالي 1300 تلميذ)، ولكن أيضا بين الإيطاليين هناك ما لا يقل عن مائة من جنسيات أخرى مسلمة، وبالتالي نصل إلى 50 %، وليست جميعها مرتبطة بالثقافة العربية، لكن الجزء الأكبر منها يأتي من مصر والمغرب وباكستان. لذلك، في يوم عيد رمضان يتغيب نصف الطلاب عن الدراسة، ولهذا قررت أن أجعل من هذا اليوم عطلة، ولهذا السبب فقد تعرضت للإهانة على وسائل الإعلام؛ كما لو أنني ارتكبت خطيئة لا تغتفر، وهؤلاء الذين ينتقدون لا يعلمون أننا نسهر في المدرسة على تعليم الطلبة التوجه الغير العدائي والصفاء الكبير في العلاقات بين العائلات من أصول مختلفة.
هذا وقد لقيت الفكرة ترحيب من قبل أقطاب الجالية العربية والمسلمة في إيطاليا، والتي رحبت بالقرار واعتبرته خطوة في الطريق الصحيح ومبادرة طالما انتظروها كثيرا، وبدا ذلك من خلال منشوراتهم وتغريداتهم على وسائل التواصل الإجتماعي، ويذكر أن إتحاد الجاليات الإسلامية في إيطاليا قد طالب عبر سنين بإدراج الأعياد الإسلامية في العطل المدرسية. مطالبين في نفس السياق ضرورة التوصل إلى اتفاق رسمي بين الدولة الإيطالية وكافة الطوائف الدينية من ناحية الإعتراف بدياناتهم ومن ثم الإعتراف بمناسباتهم وأعيادهم الدينية ومنحهم الحق في اعتبار أيام تلك المناسبات عطلة رسمية لأصحاب تلك الديانات، ومن ضمنها الدين الإسلامي مشيدين بقرار مدير مدرسة پيولتيلو الذي وصفوه بالإيجابي، وفي الوقت نفسه شددوا على ضرورة الأخذ بعين الإعتبار احترام قوانين الدولة المضيفة، وإعطاء صورة إيجابية عن الإسلام والمسلمين في إيطاليا .
وفي نفس الإطار، فقد رحبت الجالية الإسلامية العربية والغير العربية بالقرار؛ معربة عن أمنيتها بأن تحذوا إدارات المدارس في إيطاليا حذوها؛ معتبرة أن هذا القرار مطلبا من مطالب عدة كثيرا ما نادوا وطالبوا بها من أجل أبناء الجيل الثاني من المسلمين في إيطاليا في ظل مبدأ تعدد الثقافات التي تقوم عليها القيم الأوروبية؛ مشددة على ضرورة احترام قوانين الدولة الإيطالية التي ترى أنها دائما ما تتسع لجميع المعتقدات والثقافات .