الألباب المغربية/ أحمد زعيم

تعيش العديد من الجماعات الترابية بالمغرب أوضاعا تنموية متدهورة، تتجلى في غياب أبسط مقومات العيش الكريم، رغم ما يرفع من شعارات حول التنمية المجالية والعدالة الترابية. ويعد إقليم الفقيه بن صالح نموذجا صارخا لهذا الواقع، حيث تغيب التجهيزات الأساسية وتتفشى مظاهر الإهمال، مما يعمق معاناة الساكنة ويعوق تحقيق أي تنمية فعلية.
ففي عدد من جماعات الإقليم، يُسجل المواطنون وفعاليات من المجتمع المدني غيابا تاما للمرافق العمومية الحيوية كالمراكز الصحية، الملاعب الرياضية، مكاتب البريد، والمراحيض العمومية. كما تعاني هذه الجماعات من ضعف البنية التحتية، وغياب الصرف الصحي، والمساحات الخضراء، ومطارح النفايات، كما هو الحال بدوار “المرابطة” بجماعة أولاد زمام، وجماعات حد بوموسى، كريفات، وبني وكيل… وضع لا يعيق فقط الحياة اليومية، بل يحول دون أي إمكانية لإستقطاب استثمارات أو خلق فرص شغل.
وما يفاقم الوضع، هو الإهمال الكبير الذي يطال مشاريع تم تمويلها من المال العام، خاصة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. فملاعب القرب تحولت إلى فضاءات مهجورة، دون صيانة أو تأطير، بينما تتعرض بعض المراكز الصحية وقاعات التعليم الأولي للإهمال والتخريب، كما هو الحال في قاعة التعليم الأولي “الحدادشة” بجماعة حد بوموسى، التي لا تزال محرومة من الماء والكهرباء، رغم صرف الاعتمادات المالية اللازمة لإنجازها.
وفي هذا الإطار، حمل عدد من الفاعلين الجمعويين والحقوقيين المسؤولية للمنتخبين المحليين، الذين حسب تصريحاتهم “تخلّوا عن أدوارهم الدستورية وانشغلوا بتنظيم الولائم والمهرجانات وتقاسم الغنائم الإنتخابية”. وطالبوا السلطات الإقليمية بالتدخل الفوري وزيارة هذه المناطق التي وصفوها بـ”المنكوبة”، ومساءلة المتورطين في سوء تدبير الشأن المحلي وتبديد المال العام.
وفي ظل هذا الواقع، تطرح الساكنة ومعها عدد من الحقوقيين والمراقبين تساؤلات ملحة: من المسؤول عن صيانة هذه المنشآت؟ من يتابع تنفيذ المشاريع؟ أين تقارير المجلس الأعلى للحسابات؟ وأين هي المحاسبة القضائية والإدارية في حق المتقاعسين والمتورطين في العرقلة أو الإختلال؟.
إن استمرار هذا الوضع يفرض تعبئة حقيقية على المستويين المحلي والمركزي، لإصلاح المسار التنموي المعرقل، وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة. كما أن دور المجتمع المدني ووسائل الإعلام يبقى محوريا في فضح هذه الإختلالات، دفاعا عن المال العام، وحماية لحق المواطن في مرافق عمومية لائقة تحفظ كرامته وتلبي احتياجاته.