الألباب المغربية/ أحمد زعيم
يستقبل إقليم الفقيه بن صالح، في كل عطلة صيفية من كل عام عددا كبيرا من الجالية المغربية المقيمة بالمهجر بحفاوة والثمر والحليب؛ بحيث يُنظر إليهم على أنهم بمثابة بقرة حلوب ينبغي إستغلالها إلى أقصى حد ممكن، خصوصا بعدما أصبحوا المصدر الوحيد للعيش للعديد من العائلات عبر التضامن الأسري، والتحويلات المالية ومنبع العملة الصعبة والاستثمار والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحتى السياسية.
وبعد تراجع القطاع الفلاحي بسبب ندرة المياه وتوالي سنوات الجفاف، وتوجيه ما تبقى من مياه السقي للصناعة “الفوسفاط” أو الاستهلاك.
من هنا نتساءل كيف سيستقبل إقليم الفقيه بن صالح الجالية المغربية المقيمة بالخارج سنة 2024، ومع اقتراب العطلة الصيفية التي لم يتبقى إلا أيام معدودة؟
في هذا السياق صرح المستشار الجماعي السابق والفاعل الجمعوي الميلودي الرايف للجريدة قائلا: “قضايا الهجرة والمهاجرين بمدينة الفقيه بن صالح تحتاج إلى دراسات وأطروحات كما عرفتها العديد من رحاب الكليات المتخصصة في الهجرة… وبالرجوع تحديدا إلى معاناة المهاجرين بمدينة الفقيه بن صالح التي كان لأبنائنا البررة السبق إلى التفكير باستمرار عائداتهم المكتسبة من عرق الجبين في المدينة وخلق فرص الشغل.. في البداية كان التفكير في البناء والعقار هو الشغل الشاغل.. لكن بعد مرور الوقت بدأ المهاجرون يتعرضون لأبشع الانتكاسات المالية في غياب التشجيع وفي غياب البنيات التحتية وغياب حتى المرافق المصاحبة مما جعل العديد من المهاجرين هجرة المدينة نفسها في اتجاه أماكن أخرى توفر وتستقطب عن طريق التسهيلات، وإعطاء الأفضلية للمهاجر الشيء الذي لم يوفره المسؤولون بمدينة الفقيه بن صالح التي كانت تعتبر عاصمة الهجرة والمهاجرين… وخير دليل على ذلك هو أن حي الياسمين الذي يسكنه العديد من المهاجرين ولحد الساعة لم تسو وضعيته العقارية عن طريق التحفيظ ..، وهناك العديد من العراقيل التي يواجهها المهاجر خلال العطلة الصيفية خصوصا الإدارية: غياب المرافق العمومية والإفتقار إلى البنيات التحتية المشجعة للإستثمار، وعدم تبسيط المساطر وغياب الشباك الوحيد.. كلها عوامل تنفر المهاجر إلى تغيير وجهة الفقيه بن صالح التي كانت بالأمس القريب عاصمة المهاجرين إلى وجهة أخرى توفر وتستقبل في ظروف جيدة ومشجعة….
وحسب العديد من الإخوة المهاجرين المتذمرين الذين لم يستسيغوا هذه الإبتزاز ات والعراقيل التي تصدمهم في كل مناسبة… للإشارة فلقد نبهنا في العديد من المناسبات سواء من موقع مسؤوليتنا كأعضاء من قلب الجماعة الترابية بالفقيه بن صالح أو مجتمع مدني إلى الإعتناء بهذه الشريحة وعائلاتها..، ولكن مع الأسف ينظر إلى المهاجرين كعملة صعبة فقط وكمدخول سنوي… فهل يكفي تعليق لافتة كل 10 غشت من كل سنة عند مداخل المدينة بالترحيب؟ إن اليد العاملة وهي جزء من لحمنا ودمنا ليست في حاجة إلى تنظيم حفلة شاي وحلوة “الفقاص” بمقر العمالة وإنما بالإنصات الجيد للمهاجرين وتوفير الظروف لأبنائهم كذلك عن طريق تبسيط المساطر وجعل المقاطعات الإدارية مفتوحة في وجههم أيام الأسبوع خلال العطل .
من الطبيعي أن يُخَلّف هذا الخنق، واللامبالاة والنصب والإحتيال، والاستغلال المفضوح، وعدم توفر الظروف (البنية التحتية من طرقات وفضاءات سياحية، ومسابح عمومية، ومرافق صحية، وأسواق نموذجية…) أثرا سلبيا بليغا في نفوس الجالية المغربية؛ مما يجعلها تشك في صدق نوايا المسؤولين المعلن عنها عبر مختلف وسائل الإعلام، التي تٌروج لمدى اهتمام القائمين على شؤون البلد بهذه الشريحة من المواطنين.
هنا نستغرب كيف أن المعنيين لم يعطوا الموضوع الأهمية التي يستحقها، واستمروا كعادتهم في غَيّهم ولامبالاتهم المخربة، في الوقت الذي كان حريا بالمسؤولين إيلاء هؤلاء ما يستحقونه من رعاية وتقدير وتكريم، ووضعهم في مخططاتهم، تنفيذا لأوامر صاحب الجلالة محمد السادس، الذي يلح باستمرار في جميع خطاباته على وضع الجالية في قلب اهتمامات وانشغالات الدولة والحكومة ومختلف المؤسسات والإدارات.
أليس من المفروض العمل بتوجيهات وتعليمات ملك البلاد تجاه الجالية المغربية؟ أليس من الواجب الوطني العناية بهذه الفئة من المواطنين لتشجيعهم على العودة مرة أخرى، وتحفيزهم على الإستثمار في بلدهم؟.
لذا تطالب الجالية المغربية بفتح تحقيق بخصوص هذه الممارسات المضرة بسمعة البلد، ومعاقبة كل خائن لوطنه، حتى يستعيد المهاجرون وأبناءهم الثقة في وطنهم، لأنهم يشكلون رافعة مهمة في حاضر ومستقبل البلد، رغم صعوبة الأمر. فالأجيال الصاعدة التي تعيش في الخارج تحظى هناك بنسبة كبيرة من الديمقراطية والنزاهة والحرية والعدالة والشفافية.. من الطبيعي ألا تتكيف مع هذا الوضع المهين، ولن تقبل بفساد المسؤولين عن التدبير والتسيير، مثلما تكيف آباؤنا وأجدادنا مع الظلم والحكرة مكرهين !