الألباب المغربية/ بدر شاشا
تعيش الساحة التربوية المغربية هذه الأيام نقاشًا واسعًا حول ضرورة رفع سن التوظيف في مباريات التعليم إلى 40 سنة، بعد أن ظلّ التسقيف في حدود 30 سنة يشكّل عائقًا أمام آلاف الشباب المغاربة الحاصلين على الشهادات العليا، والذين وجدوا أنفسهم خارج أسوار التوظيف العمومي رغم كفاءتهم وتجربتهم الحياتية الغنية.
هذا المطلب لم يأتِ من فراغ، بل هو صوت عدالة اجتماعية يعبّر عن فئة واسعة من الشباب الذين أفنوا سنوات من عمرهم في التحصيل العلمي، ثم اصطدموا بواقع إداري جامد لا يعترف بحقهم في المشاركة في بناء المدرسة المغربية. فالتربية والتعليم لا يحتاجان فقط إلى شباب في مقتبل العمر، بل إلى نضجٍ فكري وتجربة حياتية تسهم في تربية الأجيال على القيم الوطنية والإنسانية.
- منطق الإصلاح والإنصاف
رفع سن التوظيف إلى 40 سنة ليس مجرد إجراء إداري، بل هو إصلاحٌ هيكليّ ينسجم مع روح الدستور المغربي الذي ينص على تكافؤ الفرص والمساواة بين المواطنين. كما أنه يعكس إرادة الدولة في استثمار كل الطاقات الوطنية بدل إقصائها بسبب شرطٍ زمني لا علاقة له بالكفاءة أو العطاء.
ففي وقتٍ تعاني فيه المنظومة التعليمية من خصاصٍ في الأطر التربوية، يصبح من غير المنطقي أن نغلق الباب أمام خريجي الجامعات الذين يملكون الرغبة في التدريس وخدمة الوطن، لمجرد أنهم تجاوزوا سن الثلاثين.
- التجارب الدولية
تجارب دولية عديدة، مثل فرنسا وكندا والمغرب نفسه في قطاعات أخرى، لا تفرض سنًّا صارمًا للتوظيف، بل تعتمد على الكفاءة والجدارة. فلماذا نحرم أبناءنا من نفس الفرصة في قطاع التعليم، الذي يُعدّ أساس التنمية ومفتاح الإصلاح الحقيقي؟
- نحو رؤية جديدة
المطلوب اليوم ليس فقط رفع السن، بل أيضًا تبنّي رؤية جديدة لتوظيف المدرسين تقوم على:
- المرونة في الشروط الإدارية،
- التكوين المستمر والتأهيل الجيد،
- إشراك الكفاءات المجربة في إنعاش المدرسة العمومية.
فالأمة التي تُقصي أبناءها هي أمة تفقد جزءًا من قوتها، والطاقات المهدورة اليوم يمكن أن تتحول غدًا إلى قوة تعليمية وفكرية ترفع من جودة المدرسة المغربية.
إنّ رفع حق التوظيف إلى 40 سنة ليس مطلبًا فئويًا، بل هو صرخة أمل وعدالة في وجه السياسات التقييدية. فالمغرب بحاجة إلى كل أبنائه، شبابًا وكهولًا، ليبنوا معًا مدرسة متوازنة تعكس وجه الوطن الحقيقي: العدل، والفرص، والكفاءة.